صفاتُ المعاني الشريفة الأصلية، فهي للمعاني كالأنساب للناس، فمَنْ طلب المعاني الشريفة فليتوخَّ منها الصفاتِ التي ذكرتها.
و"المناصب" جمع مَنْصِب (بفتح الميم وكسر الصاد)، وهو مكانُ النصب، أي رفع الشيء وإظهاره، ومنصب المرء شرفه ورفعته. أي: الصفات التي ذكرتُها سالفًا هي مظانُّ شرف الألفاظ، فمن كان من أرباب الألفاظ - أي المعتنين بها - فليبحثْ عن انطباق تلك الأوصاف عليها. وبَيْن المناسب والمناصب في كلامه الجِنَاسُ المحرَّف (?).
- 4 -
• "ومتى اعترف اللفظُ والمعنى فيما تَصُوبُ به العقول، فتعانقا وتلابسَا، متظاهرين في الاشتراف وتوافقا، فهناك يلتقي ثَريَا البلاغة فيُمْطرُ روضُها، ويُنشر وشْيُها، ويتجلَّى البيانُ فصيحَ اللسان، نجيحَ البرهان، وترى رائدَيْ الفهم والطبع متباشرَيْن، لهما من المسموع والمعقول بالمسرح الخصب والمَكْرع العذب" (?)،
تخلص المرزوقي في هذا الكلام إلى مقام الحكم بين مذهب أهل الألفاظ ومذهب أهل المعاني، فبين أنه لا يتم للكلام حسنُه وبلاغتُه إلا باجتماع شرف لفظه وشرف معانيه. واعتراف اللفظ والمعنى هو توافقُهما وتآلُفهما، كالشخصين اللذين يعرف أحدُهما الآخر ويألفه. و"تصُوبُ" تمطر، والصَّوب المطر. ويقال صَوب المزن، أي ماء السحاب. شبَّه العقولَ المختارة للألفاظ والمنظمة للمعاني بالأسحبة، وشبه ما تأتي به من محاسن الألفاظ وشريف المعاني بالمطر. وأثبت الصوبَ للعقول