وقوله "من آثار عقله" متعلِّقٌ "باستفادة"، وقوله "ومثله" هو غير مضبوط في النسخ التي بين أيدينا أو ينبغي أن يضبط بضمتين جمع مثال يعني أن يعتني بتصوير المعاني أكثر من عنايته بالقول والإيضاح بالأمثلة. وقوله "رسومها" (براء في أوله) جمع رسم، وهو ما يُعرف به الشيء. وأصله رسم الدار، وفي النسختين التونسيتين ونسخة الآستانة ونسخة دار الكتب وسومها (بواو في أوله)، وهو جمع وسم وهو العلامة.

وقوله: "من غير تفاوت يظهر في خلال أطباقها ولا قصور ينبع من أثناء أعماقها": الأطباق بفتح الهمزة جمع طَبَق (بفتحتين)، وقد تقدم في شرح قوله "لا يطابقه". وأراد بالتفاوت تفاوتَ الإفادة في ذلك التصوير بين ما يفيده بعض فقر الكلام و [ما] ويفيده بعض آخر، أي بأن تكون المعاني متوازنةً فلا يوضع المعنى الشريف بإزاء المعنى السخيف. و"القصورُ" العجز عن الوصول إلى ما حقُّه أن يصل إليه، وهو مشتق من قِصَر المقامة، أي قلة الامتداد في الأشياء بما يقتضيه كمالُ أنواعها. وشبه القصورَ الظاهر أثرُه بماء نابع بجامع الظهور وأثبت له النبع على طريقة الاستعارة المكنية، وهو من تشبيه المعدوم المتخيَّل بالوجود، مثل تشبيه اللؤم في بيت حسان:

لَوْ أَنَّ اللُّؤْمَ صُوِّرَ كَانَ عَبْدًا ... قَبِيحَ الوَجْهِ أَعْوَرَ مِنْ ثَقَيف (?)

ومناسبة الأعماق للنبع ظاهرة، فتكون ترشيحًا لا استعارة. وأراد بالمبتسمة أنها تكشف عما تحجبه كشفًا حسنًا، كما يكشف الابتسامُ عن محاسن الثغر. ومثاني الألفاظ هي التراكيب؛ لأن الكلمات تُثَنَّى فيها، أي تُكرَّر، ومنه سميت الفاتحة المثاني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015