- وهذا معدودٌ من أجود الشعر - لم تجد في أصل معناه أكثرَ من أنا فرغنا من الحج، فركبنا راجعين ونحن نتحدث على مطيِّ الرواحل. ولكنك تجده أفاد هذا المعنى بأفانين من التصوير المعنوي وتشخيص الأحوال ما إن سمعه السامع اهتز له إعجابًا، وتحرك لاستزادة سماعه طِلابا.
وكان من أصحاب هذا المذهب ابن الأثير (?) في كتابه الجامع الكبير إذ يقول: "ينبغي أن يستيقن المؤلف [ويتحقق] أن المعاني أشرفُ من الألفاظ؛ والدليل على ذلك [ما أذكره: وهو أنا] لو خَلَعْنا هذه الألفاظَ من دلالتها على المعاني لما كان شيءٌ منها أحقَّ بالتقديم من شيء، بل كانت بمنزلة أصداء الأجسام والأصوات الناشئة عنها. ويزيد ما ذكرناه وضوحًا أن هذه الصناعة من النظم والنثر التي يتواصفها البلغاء بينهم، وتتفاضل بها مراتبُ البلاغة، إنما هي شيءٌ يستعان عليه بتدقيق الفكرة وكثرة الروية. ومن المعلوم أن الذي يُستخرج بالفكر ويُنعم فيه النظر، إنما