1 - ففريقٌ - وهم الأكثرون - هم من أصحاب الذوق والبلغاء من الأدباء، ولكنهم غيرُ متمرِّسين في علوم المعاني والبيان، فكانوا إذا وصفوا الكلامَ البليغ وصفوه بالأساليب التي اعتادوا في منشآتهم، وهي الإبانة عن محاسن الكلام بالتقريب بأساليب التشبيه والمجاز والكناية. فيبرز وصفُهم الكلامَ في صورة إنشاء بليغ أو شعر جيد، وهم على ذلك قد أناروا الطريق لسالكيه، ولكنه لا يشفي غليلَ الطالب، ولا يبلغ به الواصفُ قصدَه.
وهذا كما وصف ابنُ الأثير (?) كلامًا فصيحًا بقوله: "البيان الذي لا يغضُّ من نسق الفرِيد، ولا يُخلِق نضرَةَ لباسُه الجديد. . . يستميل سمعَ الطروب، ويستحق وقارَ القلوب"، وقوله: "إن للكلمة طعمًا يُعرف مذاقُه من بين الكلام، وخفةُ الأرواح معلومة من بين ثقل الأجسام"، وقوله: "ألفاظٌ كخَفْقِ البنود، أو زأْر الأسود، ومعان تدل بوارقها أنها هي السيوف، وأن قلوبًا نَمَتْها هي الغُمُود". (?)