فإنها لمَّا أرادت تشبيهَ القرآن في براعة مستمعه بالظبي في براعة المنظر، نبهت على أن الظبي قرآن يُصلى به. وإذا جُعل الترشيحُ استعارةً لم يبطل ترشيحُه للاستعارة الأولى؛ لأن استفادة الترشيح حاصلةٌ من صورة لفظه (?).
وما يجري من الترشيح والتجريد في المجاز المفرد يجري في التمثيل. فمثال التجريد فيه قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17]، فإن جمع الضمير مراعاة للمشبه لا للمشبه به؛ لأنه مفرد. ومثال ترشيح التمثيلية قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: 38]، فجملة "اثاقلتم" تمثيلٌ لهيئتهم في التنصل من الخروج بهيئة الجسم الثقيل في صعوبة تنقله، وقوله: "إلى الأرض" ترشيح.
[الكناية] هي ما يقابل التصريح، والمرادُ بها هنا لفظٌ أُرِيدَ به ملزومُ معناه، مع جواز إرادة المعنى اللازم. وبهذا القيد الأخير خالفت المجازَ المرسلَ الذي علاقتُه اللزوم (?). والأصلُ فيها أن يُراد المعنى مع لازمه، ويكون اللازمُ هو المقصود الأول. فإن البدوي إذا قال: "فلان جبانُ الكلب ومهزولُ الفصيل" (?)، أراد أن كلبه