البريطانية، والاعتراف بمصر (وحدها دون السودان) دولة مستقلة ذات سيادة. مع تحفظات أربعة هي:
1 - تأمين مواصلات الإمبراطورية.
2 - الدفاع عن مصر من كل اعتداء أجنبى بالذات أو الواسطة.
3 - حماية المصالح الأجنبية في مصر وحماية الأقليات.
4 - السودان.
وظاهِرُ هذا التصريح يدلّ كما قال مع الأسف أحد قدماء رجال الحزب الوطني -على أنه- "مكسبٌ سياسي ومعنوىٍّ، فقد ترتّب على انتهاء الحماية إعادةُ منصب وزير الخارجية الذي ألغى في عهد الحماية، وتحقيقُ التمثيل السياسيّ والقنصلىّ لمصر، كما أن الاعتراف بمصر دولة مستقلةً ذات سيادة، قد أزال العقبة التي كانت تعترض فعلًا إعلان الدستور، فبزوال هذه العقبة قد تمكنت مصر من أنه تجعَلَ نظامَ الحكْمِ فيها نظامًا دستوريًا"، ويقول أيضًا: "إن تصريح 28 فبراير سنة 1922 يكون ضارًّا لو قبلته الأمة وارتضتْ به، أو اعتبرته خاتمة الجهاد، أمّا إذا كانت ماضية في جهادها، فإنّه بلا شكٍّ فوزٌ لها في معركة من سلسلة المعارك التي يتألّف منها نضالها القوميّ الطويل". وأنا أَرَى أيّها الإخوان أن الحرية لا تتجزَّأ وأرى في هذه الكلمات التي جرى بها قلم أحد أفذاذ رجال الحزب الوطنّى -دليلًا على نجاحِ بريطانيا في بلوغ غَايتها من صرف الشعب المصريّ علمائه وجُهَّالِه، وخاصته وعامته، عن حقيقة الجهاد في سبيل الحريّة- إلى هَوّى من الأهواءِ عظَّموه أكثر ممّا يعظّمون الحرية، وآثروهُ بحرص، لم يؤثروا الحريّة بحرصٍ مثله -وهذا الهَوَى هو الذي شاءت بريطانيا أن تستغلّه أحسن استغلالٍ، ألا وهو الدستور والحُكْم النيابى. علمت بريطانيا أنّ عرَابى ثار من أجل تحقيق هذا الدستور لبلاده، وأن الجمعيّة التشريعية قبل الحرب استرعت انتباه الناس ببعض المواقف العظيمة في سبيل تحقيق الحُكْم النيابىّ، وعلمتْ أن اسم الديمقراطيّة ودَعْوَاها في هذه الفترة من الزمن يستهوى كثيرًا من العقول الراجحة المثقفة، فأتت الثورة من هذه الجهة، وأتَتْ كلمة الحريّة والاستقلال من هذا المدخَل. فلم يكَدْ سعدٌ يَقْبل دخول الانتخابات التي ضمِنها أو مَهّد لَهَا هذا