الشيطان، دويد، فاتكًا عارمًا فيتصبَّاها عن حليلها، ويغلبها على نفسها وعفافها، ويستثيرها إليه فتنسى البعل بتحليل، فيخلو بها، فتكون أشد من الفتاة الغريرة جرأة لأنها عرفت الأزواج، وإذا هو قد ملك هواها، وقهر إرادتها، وإذا هي "تثنى" معصمها عليه مشغوفة به، أي تطوقه ذراعها تطويقًا وإذا بينهما ما قال سحيم عبد بنى الحسحاس.

توسِّدنى كفًّا، وتثنى بمعصم ... عليّ، وتَحْوِى رجلها من ورائيا

ذكرى تشتعل في دم الشيخ الفانى، من شباب كان له عُرام وفتك لا يبالى. هذا بعض ما أخذته، لا "كل ما يؤخذ". ثم نسب أيضًا إلى نفسه أنه هو الذي ثنى معصمها، لأنها ثنته عليه، فتنة به وشغفًا، ثم سلطان له لا يقهر.

2 - وأخذ علي أيضًا شرح بيت المستوغر في ذكر بنى بنيه:

إذا ما الشيخ صمّ فلم يُناجَى ... وأودى سمعُهُ إلا ندايا

ولاعب بالعشى بنى بنيه ... كفعل الهِرِّ يَحْتَرِشُ العَظايا

فعاب إطالتي في شرح "يحترش"، وقال إن احتراش الإنسان للضب غير احتراش الهر للعظايا، وأرادنى أن أكتفي بأن أقول: "يحترش: يصطاد" وكفى المؤمنين القتال! ورحم الله المستوغر! فيم أتعبنا؟ كان حسبه أن يقول: "كفِعْل الهر يصطاد العظايا" فيستقيم الشعر، ويسقط عنا مؤونة التعب، ونقل ما في لسان العرب! ولكن المستوغر عربي قديم سليم الطبع، فاختار كلامًا -قلت إني لا أستطيع أن أسقط دلالته، وأراد معنى- قلت إني لا أطيق إغفاله. ولما كان ذلك كذلك، نقلت صفة "الاحتراش" كما كانوا يفعلونها، ولم أزعم لنفسي أن احتراش الإنسان للضب، غير احتراش العظايا، فإنه غير صحيح، إذا راقبت هرًّا وعظاء. ولم أرد بما وصفوه من "الاحتراش"، إلا ما يكون فيه من كثرة حركة الهر، ومن الإمساك والإرسال، ومن الغفلة والترقب، ومن الجثوم والقفز، ومن سرعة اليد بضربة، وفرار العظاية منها.

وإذا علم من يحب أن يعلم، أن المستوغر، يزعمون، عاش ثلاثمئة وخمسين عامًا حتى أدركه الإسلام فأسلم، فهو خليق أن يعلم أن المستوغر قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015