أقاصى الغرب أن تعلم أن الجنسيات فتنة لا يراد بها إلا الشرَّ للعرب أولًا وللشرق الغنى ثانيًا، أن تعلم أن حياتها في النصرة والتعاون والتآزر، وأن تعلم أن لا حياة لواحدةٍ منها ما دامت الأخرى لا تزال على (المشنقة) الاستعمارية، وأن تعلم أن لا سبيل إلى الحرية إلَّا بالعلم الإنسانيّ الذي يتلقفهُ قلبٌ عربيٌّ ليبقى عربيًّا لا ليتحوَّل من عربيتهِ إلى أرجوحة بين العربية والأعجمية. وما من سبيل إلى ذلك إلَّا بإيقاظ الإحساس العربيّ في كل قلب، وعقد الآمال على المادة العربية والمجد العربي، وما من سبيل إلى إيقاظ هذا الإحساس إلا بالتعارف والتكاشف، وسبيل التعارف الآن هي هذه الكتب التي تكشف للعرب عن خفايا بلادهم وتصل ما تقطَّع من أواصرهم بالمعرفة وفي المعرفة المحبة، وفي المحبة التآلف، وفي التآلف التناصر، وفي التناصر الحرية والاستقلال.
وهذه الجزيرة العربية -على ما فيها من الضعف- هي مادة هذا التناصر، وهي مهوى قلوب الأمم العربية والإسلامية وهي معقدُ الآمال، وهي حصنُ العرب وإليها تحشد القوى الأعجمية وتدبر الدسائس، وفيها تلقى الفتن، وتوقد نيرانُ العداوة بين أهليها. . . لأن الأعاجم الأوربيين يعلمون من ذلك ما يتجاهله أبناء العربية أو ما يتورطون في تجاهله وإنكاره. فعمل الأمم الناطقة بالعربية على التعارف والتكاشف هو عملها إلى الحرية والمجد والظفر بالأماني والآمال.