ذلك اختصارًا غريبًا عجيبًا لم أعرف له مثيلا في كل ما كتب الدكتور وفرض وادعى ثم جزم الرأي وقطع به، مما يعرفه أكثر قراء العربية الذين قرأوا للدكتور منذ أول نشأته في الكتابة.

ولست أحب أن أقف بك عند شيء إلا عند هذين الموضعين فأنا أكره الإطالة في تفلية كلام الدكتور، خشية أن لا أنتهي، فإن تحت كل حرف مما كتب علمًا كثيرًا لابد من تفليته وغربلته ورده إلى وجوه الحق التي زال عنها إلى سواها، وأنت ترى أننا اضطررنا اضطرارًا إلى الإطالة بالنقل، لئلا يفوت عليك شيء من لب حديث الدكتور وعلمه. وقد بدأ الدكتور حديثه في إسقاط قصة اليهودي ابن السوداء عبد الله بن سبأ فذكر أن "الرواة المتأخرين" أكبروا من شأنها وأسرفوا فيها، وأنها لم ترد في (المصادر المهمة)، وأن (ابن سعد) لم يذكرها وأن البلاذري لم يذكرها في أنساب الأشراف (وهو فيما يرى الدكتور أهم المصادر)، وأن الذي ذكرها هو الطبري "وأخذه عنه المؤرخون الذين جاءوا بعده فيما يظهر" كما يقول الدكتور.

1 - وبدء الدكتور بقوله: "الرواة المتأخرين" فيه إيهام شديد، متعمد فيما يظهر! ! فإن الطبري ليس من الرواة المتأخرين، فهو قد ولد سنة 225 ومات سنة 310، فهو معاصر (البلاذرى) وفي طبقة تلاميذ (ابن سعد) صاحب الطبقات.

2 - أن سيف بن عمر الذي روى عنه الطبري هذا الخبر هو من كبار المؤرخين القدماء، فهو شيخ شيوخ الطبري والبلاذري، وهو في مرتبة شيوخ (ابن سعد)، فقد مات في زمن الرشيد، أي فيما قبل سنة 190 من الهجرة. فلا يقال عنه ولا عن الطبري أنهما من "الرواة المتأخرين" كما أراد الدكتور طه أن يوهم قارئه.

3 - أن ذكر الدكتور (المصادر المهمة) فيه إيهام شديد وإجحاف جارف، فإذا لم يكن. كتاب الطبري من (المصادر المهمة)، فليت شعري ما هي المصادر المهمة التي بين أيدينا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015