4 - أن الدكتور طه يعلم أن كتاب ابن سعد الذي بين أيدينا كتاب ناقص، وأنه ملفق من نسخ مختلفة بعضها تام وبعضها ناقص وبعضها مختصر. والدليل على ذلك مما نحن بسبيله أنه ترجم لعمر في 84 صفحة، ولأبي بكر في 33 صفحة فلما جاء إلى عثمان، والأحداث في خلافته هي ما يعلم الدكتور طه ويعلم الناس، لم يكتب سوى 22 صفحة، فلما ذكر علي بن أبي طالب والأمر في زمنه أفدح لم يكتب عنه سوى 16 صفحة. هذا على أن في الكلام على طريق ابن سعد في تراجم الرجال شيء آخر غير كتابة التاريخ، فإنه لم يذكر في هذا الفصل إلا قليلا جدًّا مما ينبغي أن يكتب لو أنه ألف كتابه في التاريخ العام لا في الترجمة للرجال. وهذا شيء يعلمه الدكتور طه حق العلم ولا ريب.

5 - أنه كان من حجة الدكتور في نفي خبر عبد الله بن سبأ اليهودي اللعين أن البلاذرى لم يذكره، وهو فيما يرى (أهم المصادر لهذه القصة وأكثرها تفصيلا): ثم عاد فنفى أيضًا خبر الكتاب الذي فيه الأمر بقتل وفد مصر، مع أن البلاذرى ذكره وأطال وأتى فيه بما لم يأت في كتاب غيره. ولا ندري كيف يستقيم أن يجعل عدم ذكره خبرًا ما حجة في نفيه، ثم ينفي أيضًا خبرًا آخر قد ذكره ولج فيه؟

وهذه الخمسة أشياء كنت أستحي أن أحدث الدكتور بها أو أناقشه فيها؛ لأنها من الوضوح والجلاء بحيث لا تخفى على رجل مثله خراج ولاج بصير بالعلم أحسن البصر. ولكن بقى شيء واحد أحب أيضًا أن يتاح لي يومًا ما أن أعرفه، وهو: هل كان في نص البلاذرى قديمًا ذكر عبد الله بن سبأ اليهودي ثم سقط أو أسقط من الكتاب؟ وهذا لا يتاح لي إلا إذا وقفت على نسخة قديمة وثيقة من كتاب أنساب الأشراف، فإن هذه النسخة التي بين أيدينا إنما طبعت في أورشليم، وطبعها رجل من طغاة الصهيونية، وقدم لها مقدمة لم تكتب لا بالعربية ولا بالإنجليزية بل باللغة العبرية! وليأذن لنا الدكتور أن نشك أكبر الشك في ذمة هذا اليهودي الصهيوني الذي طبع الكتاب في مطابع الصهيونية في أورشليم. فقد رأينا من قبل رجلا آخر حاطه الدكتور طه يومًا ما برعايته وعنايته واستقدمه إلى الجامعة المصرية، وكان يسمي نفسه "أبا ذؤيب" إسرائيل ولفسون، (وهو الآن في فلسطين يجاهد في سبيل الصهيونية)، فألف كتابًا في تاريخ اليهود في بلاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015