نقصان وتخوُّن وتمزيق، ولا معاهدة لحرّ على ترك شيء من حريته لغاصبه وسالبه والمهيمن عليه بالطغيان والجبروت، فهو إن شاء منع وإن شاء أعطى.

كلا، إنه الحق فلا معاهدة ولا مفاوضة ولا محادثة إلا بعد الاستقلال وجلاء آخر جندي فرنسي وإسباني عن أرض المغرب كله: تونس والجزائر ومراكش. وإن في البلاء الذي ابتليت به مصر والسودان والعراق وشرق الأردن وسواها من البلاد، لعظة لكل امرئ أضاء في قلبه الإيمان بالحرية والكرامة الإنسانية.

وما الذي يريده حزب الشورى الجديد في مراكش؟ أيريد أن تلقى بلاد المغرب على يده ما لقينا من بلبلة وضياع وهلاك وضعف؟ أيريد أن يرى الشعب المراكشي أحزابًا يأكل بعضها بعضا، ويتشاحن ضعيفها وقويها على مناصب الحكم؟ أيريد أن يرى كل أسرة في بلاد المغرب قد مزقتها الأهواء وعصفت بها عواصف الشهوات الخفية إلى متاع قليل من متاع هذه الدنيا من مال أو سلطان؟ أيريد أن يرى الشعب يتلهف تلهف البائس المسكين على فتات ما تجود به عليه فرنسا في معاهدة يقال له اليوم إنها "معاهدة الشرف والاستقلال" ثم يقال له بعد غد إن هذه المعاهدة نفسها "حماية بالثلث"؟ أيريد أن يرى بعد قليل شباب بلاده وهم يتطاحنون على أسماء رجال لو انكشف الغطاء عنهم لكانوا سوأة في كيان الشعب لو عقل لسترها كما كان يئد أهل الجاهلية بناتهم خشية الخزي والعار؟ أم يريد أن يرى هؤلاء الشباب وهم لا يثقون بأحد من رجالهم بعد كشف الغطاء عن فضائحهم، فيكونون حربًا على بلادهم يطعنون أنفسهم كل طعنة نجلاء بقولهم: "إننا شعب لا يصلح للاستقلال"؟ أيريد هذا الشعب الذي لقيته أمم من قبلهم فاوضت وحادثت وعاهدت، فخرجت من ذلك كله منهوكة مجرحة معذبة تمتهن أشرف شرفها بأخس قول وأرذله؟ ..

حاشا لله أن يريد حزب الشورى لبلاده مثل هذا. وأنا أعرف الوزّانى منذ أكثر من عشرين سنة، فأنا أسأله بالعهد الوثيق أن يفيء إلى ما فيه مرضاة الله، وما فيه خير بلاده وخير أمته، وأن يدع فرنسا بشرِّ النظرين (?)، لا يقربها إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015