وحقيق بمصر والسودان في هذه الساعة الفاصلة التي شاء الله أن يوافق تاريخها الساعات الفاصلة في تاريخ العرب والإسلام -حقيق بها أن تتوجه إلى الرجل العربي الشريف الأصل الكريم المحتد الطاهر النسب، والذي إن شاء كان النصر الأعظم الحاسم لقضية مصر والسودان، وكانت كلمته القضاء الفصل والحجة الدامغة لأباطيل بريطانيا ودعواها، الرجل الذي هو ثانى اثنين (?) في السودان، فشق الإنجليز ما بينهما بالدسيسة والوقيعة والتخذيل حتى فرقوا بين الأخوين.
فإلى الرجل الذي مثلت بريطانيا بجثمان أبيه الطاهر، وإلى الرجل العربي المسلم الذي يؤدي حق ربه وحق عباده خاشعًا متخشعًا لله، وإلى المصري السوداني الذي أراد الله أن يمتحنه بأعظم المحن في هذه الساعة الفاصلة في تاريخنا، وفي هذا الشهر المبارك من شهور الإسلام -إلى السيد المهدي:
إنك أيها الشريف رجل من العرب ثم رجل من المسلمين قد أكرمك الله وأيدك وبارك لك وأعانك، والرجل العربي المسلم لا يتخلف عن نصرة الحق بل هو كما قال له ربه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. والرجل العربي المسلم لا يلدغ من جحر مرتين، وبريطانيا قد لدغتنا جميعًا مرارًا كثيرة. أليس زعمها أنها حريصة على استقلال السودان وكفالة حرية أهله في تقرير مصيرهم، هو نفسه ما كان يوم دخلت مصر زاعمة أنها لا تريد إستعمارا ولا اعتداء، وأنها إنما تريد تثبيت العرش صدقة وتبرعًا، فإن استتب عادت إلى بلادها وجلت عن بلادنا؟ فهل فعلت أيها السيد الشريف العربي المسلم؟ إني لأنزهك عن أن تخدع بكذب بريطانيا فهي أكذب من هذه الحياة الدنيا وأغدر:
وخلائق الدنيا خلائق مومس ... للمنع آونة وللإعطاء
طورًا تبادلك الصفاء، وتارة ... تلقاك تنكرها من البَغْضاء
فهذه بريطانيا العدو المحتال الذي من شيمته أن يوقع بين المتحابين ليحطم