وحيوانها وغابها وما إلى ذلك، وجو السماء بصفائه والتماعه وشمسه وقمره ونجومه وسحابه وثلوجه وصيفه وشتائه وربيعه، وغير ذلك مما يولّد في نفس الفنان ألوانًا من أخيلة الفن التي يريد تحقيقها أو تمثيلها أو إبداعها، والأثر الفني لا يمكن أن يكون خاليًا من تأثير هذين العنصرين المميزين.
فالفن -ولا شك- نتيجة من نتائج الاجتماع الإنساني والطبيعة التي تحتضنه فهو يتأثر بها تأثرًا بينًا، لمكان الإحساس المرهف البليغ من الفنان القدير المتمكن. فأعظم الآثار الفنية التي يعدها الجيل الأوربي -مثلًا- في طليعة العبقرية الفنية، هي الآثار العظيمة الخالدة، التي نشأت وربت وترعرت وامتدت تحت ظلال الكنيسة والعقائد المسيحية، التي عاش في مدنيتها الفنانون الذين أبدعوها، وتأنقوا فيها وبالغوا في إتقانها، ونحن لا نحتاج هنا إلى أن نضرب المثل بفلان وفلان من الفنانين الإيطاليين والفرنسيين وغيرهم، ولا أن نعدِّد آثارهم التي بقيت إلى اليوم أصلًا للفن الأوربي الحديث. وهذه الآثار كما يشاهدها المشاهدون تختلف باختلاف الطبيعة الجغرافية التي هي سببٌ ثان في إنتاج الفنان. فكذلك الفنون الصينية والهندية تتميز بالاجتماع الوثني الذي يعيش فيه الفنان الصيني أو الهندي، وبطبيعة البلاد الهندية والصينية. ونحن لا نشك أن عظم الفنون والآثار عامة قد كان نتيجةً لازمة للعقيدة الدينية -وثنية كانت أو إلهية- وللطبيعة الجغرافية التي تمد عليها من ظلالها، وأن الدين والعقيدة هما عماد الاجتماع وأصله وأعظم مؤثر في توجيه أغراضه وحياطتها وتدبيرها وتوليدها، فهما إذن أصل قائم في الحضارة التي تدين بهما مهما تطورت بعد ذلك وخرجت عليهما فأهملتهما. وذلك لأن الشعوب تحتفظ من الأديان بخصائص كثيرة لا يمكن أن تؤثر فيها تطوراتُ الحضارة المدنية الخاضعة للعلم والسياسة وما إليهما.
فالفن الفرعوني -بغير شك- ليس إلا نتاجًا مركبًّا من الوثنية المصرية الفرعونية والطبيعة المصرية الرائعة القوية، وأثرها بيِّن في هذه الأبنية الضخمة