الشعب وحياطته وتوفير أسباب النهوض العقلي له، وحماية أفراده من أمراض الجهل وأوبئته التي تهد قوى الشعوب وتفتك بالعقول التي خلقها الله لتعمل في تدبير الحياة الإنسانية للوصول بها إلى الكمال الممكن على هذه الأرض.
وإذا كانت الحكومة -أو الحكومات- تأخذ من الشعب الأموال المتوافرة الكثيرة بالضرائب التي تفرضها عليه في كثير من مرافق حياته كتجارته وزراعته، لتتخذ هذه الأموال في تدبير الجيش وإعداده وتسليحه وتقويته ليدفع عن الأمة شر المطامع الأجنبية التي لا تلبث أن تغزو البلاد إذا وجدت منه ثغرًا مُضاعًا تنفذ إليه منه، فمن العبث أن تهمل شأن الفرد الذي يقوم به معنى الجيش، والذي هو المدد الأول للجيش بروحه وعقيدته وفكره وقوته. فالجيش الذي يتكون ويتجمع من شعب جاهل معذب بالجهل محطم بالضعف العقلي والخلقي، لا يمكن أن يكون جيشًا مؤتمنًا على ثغور البلاد يحميها من غوائل الحروب.
وإذا كانت الحكومات جميعًا لا تفرِّقُ في إمداد الجيش بين طبقات الشعب كلها ناظرة إلى الغني والفقر، فمن الخطل الذي ليس بعده خطلٌ أن يقوم نظام تعليم هذا الشعب على التفريق بين الغني والفقير، فكلاهما قد فرض عليه أن يبذل دمه وماله وقوته وجهده في الدفاع عن أوطانه التي تحكمها هذه الحكومة، فمن حقه على الحكومة أن تمده بالأسباب التي يستطيع أن يدافع بها عن هذا الوطن. والأسلحة المختلفة هي بعض أدوات الدفاع، ولكن الأداة الكبرى في الدفاع إنما هي الرجل الذي يحمل هذه الأسلحة، فيجب أن ينصرف أعظم هَمِّها إلى أحياء الرجل في طبقات الشعب غنيها وفقيرها على السواء بالحرص على إعطاء الشعب غذاءه كاملًا من الألوان المختلفة من الثقافات المتعددة، كلٌّ على قدر طاقته ورغبته واستعداده، مكفولًا له الحرية في الاختيار مع التسديد والحياطة والنصح.
والحكومة حين تنظر إلى قوى الدفاع تفرض الضرائب على نسبة الأموال التي يملكها الشعب غير مفرقة بين الغني والفقير في نسبة الضريبة التي تتقاضاها منه