اقتسارًا وفريضة، فكذلك يشترك الغني والفقير على السواء في تحمل واجبات الحرب. فأولى إِذن أن يشترك الغني والفقير معًا في القيام بأعباء التعليم والثقافة ونشرهما والمساواة في منحهما للغني والفقير على المساواة بغير تفريق. وليست تفرق الحكومات على الحقيقة بين الغني والفقير بقانون موضوع، وإنما هي تفرق بما هو أعظم خطرًا من القانون الوضعي لأنه قانون الطبيعة وقانون القدر. فالغني يستطيع أن يدخل أبناءه جميعًا بيوت العلم من الابتدائي إلى العالي مستعينًا على ذلك بماله الذي استخلفه الله عليه، والفقير لا يستطيع أن يفعل مثل ذلك فيبقي أبناؤه طعامًا للجهل الضاري وبقايا من فرائس الفقر المتوحش.
ومن العجيب الذي لا يعجب إلا منه أن يكون في أمة من الأمم رجل تفضى إليه ثلاثة آلاف جنيه في العام، وليس له من الولد إلا ثلاثة أو أربعة يتكلف في تعليمهم ما لا يزيد عن مائة جنيه في العام كله، ورجل آخر يكون ما لا يدخل عليه مائتا جنيه في العام وله من الولد مثل الذي للأول فهو يدفع مائة مثل مائته أي نصف دخله! فما بالك إذن بالذين ينصبّ عليهم من الأموال ما لا يستطيعون التصرف فيه إلا أن يسفكوه على اللذات والمنكرات من النساء والخمر والقمار وحالِقات (?) المال والخُلُق وليس لهم ولدٌ، ثم يكون في الأمة آلاف مركومة من الإنسانية إلى ملايين تنسل وتلد وتمد الأمة بأسباب حياتها من الأبناء والبنات ولا يملك أحد ما يقوت به نفسه فضلًا عما يقوت به ولده، فضلًا عما يدفعه لوزارة المعارف أجرًا للتعليم. . .! إذن فواجب الأمة أن تحمل الحكومات على تغيير نظام التعليم ونظام الضرائب، فتحصل الضرائب من الشعب كله على نسبة رأس المال والدخل، ليستخدم هذا المال المجموع من الضريبة في تعليم الشعب كله على المساواة بين غنيه وفقيره، ويلغى من وزارة المعارف نظام التحصيل، "تحصيل المصروفات المدرسية من أولياء أمور التلاميذ" ويكون التعليم كله من أوله إلى نهايته مجانًا مبذولًا معرضًا لكل مستطيع وطالب وراغب بغير تفريق.