الماجستير والدكتوراه. أما "الحيرة" فإنني عندما انتهيت من كتابة رسالة الدكتوراه في ديسمبر سنة 1968 رجع الأستاذ إلى إِلْفِه الَّذي أَلِفَ ولم يأذن لي، وقال متلطفًا أيضًا: إنك ستحتاج عما قريب إلى عمل جيِّد يمكِّنك من الترقية، ولن تستطيع أن تنالها بجمع مقالاتي، هذا فضلًا عن بعدها عن مجال تخصصك في الأدب القديم. فسكت مرة ثالثة على مضض، ولكني لم أيأس، فقد كنت، ولم أزل، "صعيديًا" مثله.
اضطلع الأستاذ جمعة ياسين جزاه الله خيرًا بمشاركته في كتاب "دراسات عربية وإسلامية" بحصر ما كتب الأستاذ شاكر من مؤلفات وتحقيقات ورتبها حسب زمان صدورها بادئًا بسنة 1926 ومنتهيًا بسنة 1982. فأسدى إلى القراء فضلًا عميمًا، وكان ذلك عونًا لمن كتبوا رسائل جامعية عن الأستاذ محمود شاكر مثل الأستاذ محمود إبراهيم الرضواني (1995)، والأستاذ عمر حسن القيام (1997)، والأستاذ إبراهيم الكُوفَحى (2000). أما بالنسبة لي فقد ذُلِّلتْ عقبةٌ كَأْداء، فقد بات كل شيء تقريبًا كَتَبَه الأستاذ شاكر حتَّى هذا التاريخ معروفًا: عنوانه ومكان نشره وتاريخه، وما علي إلا النسخ أو التصوير.
أجمعت أمري ولممت شتات نفسي وفاتحته مرة رابعة في صيف 1985 في جمع المقالات، فمواضعها وتواريخها الآن معروفة، وقد دلَّ هو بنفسه الأستاذ جمعة ياسين على أكثر أماكنها، هذه واحدة. نلتُ درجة "أستاذ" عام 1980، وبذلك لم أعد مضطرًا إلى كتابة أبحاث ذات طابع خاص يتصل بمجال تخصصي، هذه ثانية. فلم يبعد ولم يقارب، وقال "ربنا يسهِّل" وعلت وجهه ابتسامة خفيفة، ونظر إليَّ كالمتعجب من إصرارى على مدى أربعة وعشرين عامًا. ومضت السنون ولم يأذن الله بالتسهيل. ولكني استبشرت خيرًا، فقد كنت أتحسس الأخبار من أخي الأصغر الدكتور فهر، وعلمت أن الأستاذ شاكر صوَّر بعض المقالات وكذلك فعل بأشعاره. ولكن حال الأَجَل دون تحقيق الأمل، فقد توفي رحمة الله عليه في 7/ 8/ 1997.