وفى صيف العام التالي فاتحت الأستاذ عبد الرحمن شاكر والسيدة أم فهر والدكتور فهر بعزمي على جمع مقالات الأستاذ شاكر وشعره أيضًا فوافقوا شاكرين ممتنِّين. وأعطاني الدكتور فهر كل ما وجده مما جمعه الأستاذ، فقمت بمقابلته على سرد الأستاذ جمعة ياسين من مؤلفات الأستاذ، ثم بدأت رحلة شاقة مضنية مع المجلات والصحف التي نشرت فيها المقالات والأشعار، فاستكملت ما نقص، ثم نظرت في بعض ملفات الأستاذ الخاصة، فوجدت مقالة بخط يده وبعض أشعار لم تنشر. فلما استوى لي ذلك كله بدأت بالمقالات، ورأيت أن أرتبها حسب ورودها في المجلات والصحف، فأضع في مكان واحد كل ما نشر في مجلة الرسالة مثلًا، ثم مجلة الزهراء مراعيًا أثناء ذلك أسبقية تواريخ النشر. وقد وجدت عنتًا شديدًا في قراءة المقالات التي نُشِرت في الصحف كالبلاغ والمقطَّم والدُّستور والأهرام، فقد طَوَى الأستاذ هذه المقالات نِصفَيْن نِصفيْن، فتَهَرَّأ مكانُ الطَّي وتآكلَ، فضاع ما يقرب من سَطْريْن بعَرْض المقال في كل صفحة، ولكنني خلال زيارتى لمكتبة الكونجرس الأمريكى بمدينة واشنطن استطعت أن أحصل على "ميكروفيش" فيه المقالات كاملة واضحة، فأقمت النصوص، والحمد لله.
وبعد أن مَضَيْتُ شوطًا، رأى الأستاذ عبد الرحمن شاكر أن أدعَ المقالات إلى حين، وأبدأ بجمع أشعار الأستاذ شاكر أوَّلًا، وكان له في ذلك حُجَّة مُقْنِعة، لستُ في حِلٍّ مِن ذكرها، ففعلتُ، وقد بيَّنْت طَرَفًا مِن ذلك في مقدمة الديوان. حتَّى إذا أتممتُ مراجعة الديوان وشرحه والتقديم له، عكفت على المقالات سنتين أُخريَيْن. ولم يكن ترتيبها حسب المجلات والصحف التي نُشِرت فيها تبعًا لأقدمية تواريخها بالأمر السهل. وشاركنى أخي محمد الخانجي هذا العَنَت في صَبْر وأَناة، فقد كان يقوم بصَفِّ كل مقال أعثر عليه بغضِّ النظر عن تاريخه