والأجيالُ التالية كفاحَه في سبيل أُمَّته منذ بدأ يحمل القلم. ولكن حظي من الإجابة لم يكن بأمثل مما كان منذ ثلاث سنوات، فأمسكت مرة أخرى.
وفى عام 1969 بدأ الأستاذ شاكر سلسلة مقالات في مجلة المجلة بعنوان "نَمَطٌ صعبُ، ونَمَطٌ مخيفٌ"، نشر أولها في العدد 147، إبريل 1969، وآخرها في العدد 159، مارس 1970. وأيقنت -مخطئًا- أنَّه جامعها ومخرجها في كتاب. ولكن خاب ظني (والظن هنا بمعنى اليقين). لله كيف كان وَقْع هذا اليقين الخاطئ! فلم تخرج في كتاب إلا بعد ست وعشرين سنة (1996)!
في صيف عام 1978 قبل سفري إلى الولايات المتحدة لأعمل أستاذًا بجامعة أريزونا أخبرني المرحوم الدكتور محمد رشاد سالم أن النية معقودة على إخراج كتاب يُهْدَى إلى الأستاذ شاكر بمناسبة بلوغه السبعين، وطلب مني أن أشارك بفَصْل فيه، ففعلتُ، وأوصاني بكتمان الأمر حتَّى لا يصل إلى سمع الأستاذ، فامتثلتُ. ولكن الأمر بَلَغ أسماعَه، وأَدَعُ الدكتور محمد رشاد سالم يحدثك عما وقع: "وكان من المفروض أن يصدر هذا الكتاب منذ سنتين، إلا أنَّه بعد أن مضتْ اللجنة في عملها واتصلتْ بالأساتذة المشاركين، وتلقَّت عددًا كبيرا من المقالات، عَلِمَ "أبو فهر" بما نحن مُقْدِمون عليه، فعَرْقَل عَمَلَنا وحَيَّرنا. وكاد أن يرفض المبدأ، حتَّى نجحنا في إقناعه والاتفاق على استمرار اللجنة" (?).
وقول الدكتور رشاد سالم "فعَرْقَل عملنا وحيَّرنا" كلام في حاقِّ موضعه إزاء إعادة نشر الأستاذ شاكر أعماله أو الكتابة عنه. فأما "عرقلة" عملي في جمع مقالاته فقد ذكرت طَرَفًا من ذلك قبلُ وأمسكتُ عن بقية هنا موضعُها. كان الأستاذ شاكر -كما ذكرت- قاسيًا عنيفًا، ولكنه كان أيضًا رقيقًا وديعًا ألوفًا حنونًا، فلم يشأ أن يقابل ما أردت من الإحسان بالإساءة والنكران، فقال متلطفًا: هذا عمل بالغ التعقيد يتطلب جهدًا ووقتًا أنت أحوج إليهما حتَّى تنتهى من رسالتي