40 - والذي يرجح هذا، ويزيده عندي يقينا، ما رواه ابن أبي حاتم (50) عن الشافعي (رقم: 21) في تفسير "قرى عربية" وأنها هي قرى اليهود التي بنوها في بلاد العرب، وهي أشراف بلاد العرب -وما قاله الأصمعي في تفسير "قرى عربية" (رقم: 22)، من أنها كل قرية في أرض العرب، نحو خيبر، وفدك، والسوارقية، وما أشبه ذلك- وإن كان نص الأصمعى أعم، لأنه يدخل في تفسير "قرى عربية": (السوارقية) وهي ليست في الطريق بين المدينة والشام، بل في طريق بين مكة والمدينة، ولا أعلم أكانت من قرى اليهود أم لم تكن؟
41 - وفي خبر الشافعي (رقم: 21) أنها أيضًا (أشراف) جمع (شرف)، وهو ما أشرف من الأرض، أي ما علا حوله، أو دنا منه، وكأن الشافعي أراد بالأشراف (المشارف) و (مشارف الأرض) أعاليها، وهي أخصب الأرض، ولذلك قيل: "مشارف الشام" وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف، والريف عندهم: ما قارب الماء، من أرض العرب، فكان فيها خصب وزرع ونخيل. فإذا صح ذلك، وهو صحيح، كان كل ما سكنه يهود من أرض العرب، وأقاموا به وسكنوه، جائزًا أن يكون (قرى عربية) كما قال الشافعي. وقد قال ياقوت في معجمه مادة (الشرف): (والمشارف من قرى العرب، ما دنا من الريف، وهي مثل خيبر، ودومة الجندل، وذو المروة)، فالأشراف والمشارف واحد، فيما أرجح.
- و"دومة الجندل" كما قال السمهودى وغيره: "من القريات، من وادي القرى، وأنها "قرى بين الشام والمدينة" وذكر ابن سعد (1/ 1/ 44) أنها طرف من أفواه الشام، بينها وبين دمشق خمس ليال، وبينها وبين المدينة خمس عشرة أو ست عشرة ليلة". و"ذو المروة"، أيضًا، من وادي القرى، فهذا يشبه أن يكون داخلا في قول الشافعي "أشراف بلاد العرب" وأن "دومة الجندل" و"وادي القرى"، وغيرهما من القرى التي سكنتها يهود وازدرعتها، هي داخلة في حدّ "قرى عربية".