42 - هذا على أنى لم أجد تحديدًا شافيًا لما كان يسمى (وادي القرى)، فالبكرى لم يذكره محددًا، ولم يعقد له بابًا في كتابه "معجم ما استعجم". أما ياقوت، فقد ذكره في (القرى) وفي (وادي القرى) وأحال على ما كتبه في (القرى). وكل ما قاله في صفته هو ما يلي:
(ووادي القرى، واد بين الشام والمدينة، وهو بين تيماء وخيبر، وبه قرى كثيرة، وبها سمى وادي القرى. قال أبو المنذر: سمى (وادي القرى) لأن الوادي من أوله إلى آخره قرى منظومة، وكانت من أعمر البلاد، وآثار القرى إلى الآن بها ظاهرة، إلا أنها في وقتنا هذا كلها خراب، ومياهها جارية تتدفق ضائعة لا ينتفع بها أحد). ثم قال:
(قال أبو عبيد الله السكونى: وادي القرى، والحجر، والجناب، منازل قضاعة، ثم جهينة وعذرة وبليّ، وهي بين الشام والمدينة، يمر بها حاج الشام، وكانت قديمًا منازل ثمود وعاد، وبها أهلكهم الله، وآثارها إلى الآن باقية، ونزلها بعدهم يهود، واستخرجوا كظائمها، وأساحوا عيونها، وغرسوا نخلها، فلما نزلت بهم القبائل، عقدوا بينهم حلفًا، وكان لهم فيها على اليهود طعمة وأكل في كل عام، ومنعوها لهم من العرب، ودفعوا عنها قبائل قضاعة) - وهذا مختصر مما في "معجم ما استعجم": 1: 43).
ويوهم سياق الكلام أن اليهود هم الذين منعوا وادي القرى من العرب، والصواب أن الذين منعوها لليهود هم بنو عذرة، للحلف الَّذي بينهم وبين يهود. وقد ذكر ذلك النابغة الذبياني في شعره، فقد أراد النعمان بن الحارث الغساني أن يغزو بني عذرة بوادي القرى، وكان النابغة لهم محبًّا ومادحًا، فنهاه عن ذلك، وقال في أبياته:
تجَنب بني حُنّ فإن لقاءهم ... كريه، وإن لم تلق إلا بصابر
و(بنو حُنّ)، هم بنو عُذْرة، ثم قال:
وهُمْ منعوا وادي القرى من عدوهم ... بجمْع مُبِير للعدو المُكاثِرِ
وهُمْ منعوها من قضاعة كلُّها ... ومن مُضَرِ الحمراء، عند التغاوُرِ