الذي وصفوه بما وصفوه، يروى في أول ترجمته ليزيد بن معاوية عن رواة وصفهم علماء الرجال بأنهم من الكذابين والوضاعين ومن المتشيعين الغلاة فيقول:

"كان يزيد بن معاوية أول من أظهر شرب الشراب، والاستهتار بالغناء والصيد، واتخاذ القيان والغلمان، والتفكه بما يضحك منه المترفون، من القرود والمعاقرة بالكلاب والديكة. ثم جرى على يده قتل الحسين وقتل أهل الحرة، ورمى البيت وإحراقه. وكان مع هذا صحيح العقدة فيما يُروى، ماضي العزيمة، لا يهم بشيء إلا ركبه" ثم ذكر أخبارًا في لعبه بالقرود وشربه الخمر. ثم ذكر بعد ذلك بإسناده قال: "قال رجل لسعيد بن المسيَّب: أخبرني عن خطباء قريش. قال: معاوية وابنه يزيد. . . .". ثم روى بعد أسطر عن المدائنى عن عبد الرحمن ابن معاوية قال: قال عامر بن مسعود الجمحي: إنا لبمكة إذ مر بنا بريد ينعى معاوية، فنهضنا إلى ابن عباس وهو بمكة وعنده جماعة، وقد وضعت المائدة ولم يؤت بالطعام. فقلنا له: يا أبا العباس، جاء البريد بموت معاوية. فوجم طويلا ثم قال: اللهم أوسع لمعاوية. أما والله ما كان مثل من قبله ولا يأتي بعده مثله، وإن ابنه يزيد لمن صالحي أهله. فالزموا مجالسكم، وأعطوا طاعتكم وبيعتكم. هات طعامك يا غلام". ويروى أيضًا: "أن سبب وفاة يزيد أنه حمل قرده على الأتان وهو سكران ثم ركض خلفها، فسقط، فاندقت عنقه، أو انقطع في جوفه شيء" ثم يعود بعد ستين صحيفة يروى أيضًا "وكان سبب موت يزيد أنه ركض فرسا فسقط عنه وأنه أصابه قطع، ويقال: إن عنقه اندقت". هذا ضرب من الرواية لا يشك شاك أن بعضه يناقض بعضًا في كتاب واحد، فابن عباس، وهو أعلم قريش بقريش، يقول عن يزيد إنه من صالحي أهله، والذي يروى خبر استهتاره بالغناء والخمر والقرود، يختم كلامه بأنه "كان مع هذا صحيح العقدة فيما يرى" أي صحيح الاعتقاد والإيمان، وأنه كان "ماضي العزيمة لا يهم بشيء إلا رَكِبه" فأين هذا من الذي استباح لنفسه أن يجعله بالغًا حد التفاهة والنزق والطيش، ومن الذي جعله "لا يصلح أن يلى أمر مدرسة ابتدائية"؟ وأين هذان من سعيد بن المسيب، الذي عده هو وأباه من خطباء قريش؟ أفيكون الفتى التافه الخليع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015