الطياش، خطيبًا معدودًا في خطباء العرب، إلا إذا كان سعيد يعد من الخطباء أولئك المتشدقين الثرثارين كخطباء عصرنا هذا!

ثم يكون ماذا إذا وجدنا منا يروى كلام من يصف يزيد بما زعموه من شرب الخمر واللعب بالقرود، ثم يعقب فيروى أن أهل المدينة لما رجعوا من عند يزيد: "مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية (وهو محمد بن على ابن أبي طالب -رضي الله عنهما-)، فأرادوه على خلع يزيد، فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشربُ الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدّى حكم الكتاب. فقال: ما رأيتُ منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظبًا على الصلاة، متحرِّيًا للخير، يسأل عن الفقه، ملازمًا للسنة. قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعًا لك. فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فيما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا. قالوا: إنه عندنا لحقُّ وإن لم نكن رأيناه! فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة فقال: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة الزخرف: 86]، ولست من أمركم في شيء. قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك، فنحن نوليك أمرنا. قال: ما أستحل القتالَ على ما تريدوننى عليه تابعًا ولا متبوعًا. قالوا: فقد قاتلتَ مع أبيك؟ قال جيئونى بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه. فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا. قال: لو أمرتهما قاتلت. قالوا: فقم معنا مقامًا تحضُّ الناسَ فيه على القتال. قال: سبحان الله! آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه! إذنْ ما نصحتُ لله في عباده. قالوا: إذن نُكرهك! قال: إذنْ آمُر الناسَ بتقوى الله ولا يُرضون المخلوق بسُخْط الخالق. وخرج إلى مكة". فهذه شهادة رجُل قاتل معاوية نفسه، وخليق أن يُعدّ عدوًّا له ولملكه فيما يزعمون.

فما الذي جعل هؤلاء يرجحون هذه الروايات عن فسق يزيد وفجوره، على صلاح أمره وتستُّره؟ لا أدري!

فهذه الأخبارُ كلها موجودة مذكورة مروية في كتب التاريخ، فبأي حجة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015