المنكر، المبلغون عنَ نبي الله ورسوله، وعن أصحابه هذا الدين إلى الناس. وبهم بلَّغ المسلمون هذا الأمر كله، وبما بلغونا من أمر الدين قامت حجة الله علينا، وإلى ما بلّغوا كان مرجع أئمة المسلمين وفقهائهم وعلمائهم طول هذه القرون. ولولاهم، ولولا ما بلّغوا لدرست سنة رسول الله، ولذهب الفقه، ولفقد الناس الحجة والبرهان في دينهم، ولما وجدوا وسيلة لتحكيم الله وتحكيم رسوله في شيء مما اختلف فيه من أمر الدين، أفيمكن في العقل أن يوصف العصر الذي كان فيه هؤلاء الأمناء على دين ربهم، بأنه عصر لم يطبق فيه الإسلام؟ ! وأين غابوا جميعا إذا كان الإسلام لم يطبق في زمانهم؟ ولو شهدوا، وصحت هذه الكلمة على زمانهم، فكيف يؤتمنون على ما بلغوا من أمر الدين؟

بل إلى أي شيء يحتَكم قائل هذه الكلمة في الحكْم على عَصْرهم؟ أليس يحتكم ويرجعُ في الحكْم عليهم إلى ما بَلغَه هو من دين الله الذي بلّغوه هُمْ إليه؟ وأنّى له أن يعرفَ الإسلامَ إلّا بما عرَّفوه هُمْ له ولمن سبقه من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ بل كيف يُعْقَل أنْ يبلِّغوا هذا الشيء الذي يستند إليه هذا القائل، ويكونونَ هم أوَّلَ الناقضين والهادمِين بإغفالهم إقامته. بل بعملهم على إقامة خلافه؟ أفي العَقْل شئٌ بعد ذلك هو أَفْسَدُ معنىً ومدخلًا ومخرجًا من هذه الكلمة الجائرة، من هذا الحكم المستأصِل لدين هؤلاء الناسِ وعلمهم وَأمانتهم؟ كبرت كلمة وساء حكمًا.

وأحبُّ أن أزيدَ الأسئلة: ما هو هذا الإسلام الذي لم يطبّق: أكفروا بأن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله؟ أتركوا صلاتهم وأضاعوها وسهوا عنها؟ أمنعوا زكاتهم واحتجنوها (?) فلم يؤدوا حق الله عليهم؟ أتركوا شهر صيامهم فأفطروه؟ أأبوْا أن يحجوا إلى بيت ربهم قانتين مسبحين مكبرين؟ أعتزلوا الجهادَ بأموالهم وأنفسهم رغبة عنه وحرصًا على الحياة؟ ! أأغفلوا أدبَ الله لهم وأدبَ رسوله؟ أنقضوا عهدَ الله فخانوا الأمانة وبغوْا في الأرض؟ أعطَّلوا أحكامَ الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015