طلاب العلم الناشئين والغافلين، ويأخذونه على محمل الجد، فهو نتاج رجل "من كبار مثقفينا"، كما وصفه الدكتور مندور (?)، فإذا كان هذا ظن الدكتور محمد مندور، -رحمه الله-، وهو من هو في الأدب والنقد، فما بالك بظن أشباه العوام وأنصاف المثقفين؟ فالرأى أن تُجْمع مقالاتك وتنشر في كتاب يتداوله الناس، فيعرف من يقرأ حقيقة ما كتب لويس عوض، ومن تصدوا للدفاع عنه. وتعمدت إثارة هذا الأمر في ندوة يوم الجمعة وسرني أن بعض الحضور كانوا قد سبقوني إلى اقتراح ذلك على الأستاذ خلال مكالمات هاتفية، وكان الدكتور محمد رشاد سالم والأستاذ عبد الرحمن شاكر من أشد الناس تأييدًا وتعضيدًا. وبعد لأي وافق الأستاذ شاكر على جمع المقالات (?).

وقد ظننت أن ما صدَّر به الكتاب إيذان بهجران ما أَصَرَّ عليه من إلْفِه حيث قال: "وبعدُ، فقد قَضَيتُ دهرًا أحمل القلم وأكتبُ، ولكني ظَلِلْتُ أكره أن أنشر على الناس شيئًا قد قرأوه من قبل في صحيفة أو مجلة، حتَّى إذا كان ما كتبتُه في مجلة الرسالة منذ يوم الخميس 22 رجب سنة 1384، وجدت إلحاحًا شديدًا على جَمْع ما نُشِر وإخراجِه في كتاب. وكانت حُجَّة أصحابنا قاهرةً لِحُجَّتي، ومزيلةً لما أصررتُ عليه من إِلْفِي وعسى أن أكونَ أخطأتُ الطريقَ حين أَلِفْتُ ما أَلِفْتُ، وخِفْتُ أن أكون كتمتُ عِلْمًا يَسَّره الله لي عن طالب عِلْم. ففي كل يوم ينشأ في الناس طالبُ عِلم لم يُدرِكْ زمانُه ما كتبتُ وعسيرٌ عليه أن يلتمسَه مع تفرُّقه في الصحف والمجلات. فمن أَجْل ذلك لم أجدْ بُدًّا من الاستجابة لأصحابنا، راضِيًا عنهم، لائمًا لنفسي، معتذِرًا عما فَرَط مِنِّي".

فانتهزتُ فرصة "هذا الرِّضَى" عمن أَسْدَوا إليه هذه النصيحة، وتَبَيّنِه طريقًا كان قد أخطأه، ثم لاح له لاحِبًا مُسْتَتِبًّا، ففاتحْتُه في أمر جَمْع المقالات وإخراجِها في كتاب، لا لِمَ ذَكَرَه في تصدير الكتاب فقط، بل لكي يرى جيلي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015