فحين كشفتُ لك غطاءها، ووقَفْتُك على ما وراءها، ثارتْ ثائرتُك، وكبر عليك أن يُكْشَفَ الستارُ عما تُجِنُّ نفسُك، فاندفعتَ - كعادتك - غير متبصرٍ عاقبةَ أمرك، ولا ناظرٍ إلى ما تحت قدميك، وقد نصحتُك فكبُر عليك النصح، وحذَّرتُك - إبقاء عليك - فأسأتَ الظنَ بي، كعادتك مع إخوانك، فسقطتَ في الحفرة بين قدمَيْك، وكنتُ من هذا أخشى عليك.

إنك - في دفاعك المُنْهارِ - تفسر كلمتك "ليس ثم دليل على صدق أولئك المخبرين" بقولك في صدر مقالك: "أي ليس ثم دليل من الكتاب والسنة يعتمد عليه في هذه الأمور الغيبية، ونفيُ الدليل على وقوع ما يذكره الناس من رؤيتهم للجنّ، لا يعطى مطلقًا رمي شيخ الإسلام بالكذب - حاشاه وبرأه الله - وما كنتُ أتصور مطلقًا أن يحملها حامل على أني أرمي شيخ الإسلام بالكذب، فهي والله عندي عجيبة جدُّ عجيبة". ثم بقولك في وسط مقالك: "ونفي صدق الدليل الشرعي: أقصد منه خطأ من يثبت تيسُّر رؤية الجنّ كرؤية المرئيات العادية. فإن الجنّ بلا شك من عالم الغيب الذي نؤمن به، على ما صح وثبت عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا نَزِيد بعقلنا ولا بعقل غيرنا"! !

* * *

أين يُذْهَب بك أيها الرجل؟ ! أنحن بصدد إثبات حكم شرعي نتطلَّب الدليل عليه من الكتاب والسنة؟ أم نحن بصدد واقعةٍ أو وقائع معيَّنةٍ، وقعتْ بعد انقضاء الوحي بأكثر من سبعمائة سنة، في عصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015