من رآهم، ومن الناس من كلّمهم وكلّموه، ثم قال بعد ذلك: "ولو ذكرتُ ما جرى لي ولأصحابي معهم [أي مع الجنّ، ببداهة السياق]، لطال الخطاب". وهذا كلام ليس له معنًى في لغة العرب إلَّا أنّ شيخ الإسلام يحكي أنه جَرَى له نفسه شيء من هذا، كما قلتُ لك في مقالي، فإذا جئتَ أنت وعلَّقْتَ على هذا القول بأنه "ليس ثم دليل على صدق أولئك المخبرين" - الذين منهم شيخ الإسلام، بدلالة صريح الكلام - ألا يُوقع هذا القولُ منك في وَهْم القارئ أن هذا القائل الذي يدعي أنه "جَرَى له" شيء من هذا مع الجنّ - لمْ يَكُ صادقًا، أو على الأقل أنه لم يكن متحريًا للصدق؟ ! ومع هذا فإني برّأتُك بالقول الصريح "من أن تقصد إلى رَمْيِ شيخ الإسلام - عن عَمْدٍ - بما يُفْهم من قولك"!
* * *
وأنا أثقُ كل الثقة، أنك لا تستطيع رميَ شيخ الإسلام ابن تيمية بالكذب والافتراء، ولا تَعمد إلى ذلك قطّ - على كثرة ما يَجْري على لسانك وعلى قلمك من الطعن في الأئمة والعلماء، ورميهم بالكذب والافتراء - لسبب واحد أعرفُه وتعرفُه: وهو أن لشيخ الإسلام ابن تيمية مَنْ يَغْضَبُ له، ويَقْلي شانئيه ومبغضيه، وأنت أحرصُ من أن تقف هذا الموقف، وخاصةً أنْ كنتَ في أول أمرك من مُحِبيه ومُعَظِّميه، وأنا أعرف صاحبي، يا صاحبي.
ولكنك أفلتَتْ منك كلمةٌ عابرةٌ، غَفَلْتَ عن مرماها وما وراءها،