أما بعد: فقد أتتنى منك موعظة موصّلة (?)، ورسالة محبّرة، نمقّتها بضلالك، وأمضيتها بسوء رأيك، وكتاب امرئ ليس له بصر يهديه، ولا قائد يرشده، قد دعاه الهوى فأجابه، وقاده الضلال فاتّبعه، فهجر (?) لا غطا، وضلّ خابطا، فأما أمرك بالتقوى فأرجو أن أكون من أهلها، وأستعيذ بالله من أن أكون من الذين إذا أمروا بها أخذتهم العزّة بالإثم، وأما تحذيرك إياى أن يحيط عملى وسابقتى فى الإسلام، فلعمرى لو كنت الباغى عليك، لكان لك أن تحذّرنى ذلك، ولكنى وجدت الله تعالى يقول: «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ (?) إِلى أَمْرِ اللَّهِ» فنظرنا إلى الفئتين، أما الفئة الباغية فوجدناها الفئة التى أنت فيها، لأن بيعتى بالمدينة لزمتك وأنت بالشأم، كما لزمتك بيعة عثمان بالمدينة، وأنت أمير لعمر على الشأم، وكما لزمت يزيد أخاك بيعة عمر، وهو أمير لأبى بكر على الشأم.
وأما شقّ عصا هذه الأمة، فأنا أحق أن أنهاك عنه، فأما تخويفك لى من قتل أهل البغى، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرنى بقتالهم وقتلهم وقال لأصحابه:
«إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله» وأشار إلىّ، وأنا أولى من اتّبع أمره، وأما قولك إن بيعتى لم تصح، لأن أهل الشأم لم يدخلوا فيها، فكيف؟ وإنما هى بيعة واحدة، تلزم الحاضر والغائب، لا يثنّى (?) فيها النظر، ولا يستانف فيها الخيار (?)، الخارج منها طاعن (?)، والمروّى (?) فيها مداهن، فاربع