وقد صبّ عليه وقار الصبر، وهبّت له روائح النّصر، يصرّفه ملك يملأ العيون جمالا والقلوب جلالا، لا تخلف مخيلته (?)، ولا تنقض مريرته، ولا يخطئ بسهم الرأى غرض الصواب، ولا يقطع بمطايا اللهو سفر الشّباب، قابضا بيد السياسة على قطار (?) ملك لا ينتشر حبله، ولا تتشظّى عصاه، ولا تطفأ جمرته، فى سنّ شباب لم يجن مأثما، وشيب لم يراهق (?) هرما، قد فرش مهاد عدله، وخفض جناح رحمته، راجما بالعواقب الظنون، لا يطيش، عن قلب فاضل الحزم، بعيد العزم، ساعيا على الحق يعمل به، عارفا بالله يقصد إليه، مقرا للحلم ويبذله، قادرا على العقاب ويعدل فيه، إذ الناس فى دهر غافل، قد اطمأنت بهم سيرة (?) ليّنة الحواشى، خشنة المرام، تطير بها أجنحة السرور، ويهبّ فيها نسيم الحبور (?)، فالأطراف على مسرّة والنظرة إلى مبرّة، قبل أن تخبّ (?) مطايا الغير، وتسفر وجوه الحذر، وما زال الدهر مليئا بالنوائب، طارقا بالعجائب، يؤمن يومه، ويغدر غده.
على أنها- وإن جفيت- معشوقة السّكنى، حبيبة المثوى (?)، كوكبها يقظان، وجوّها عريان (?)، وحصباؤها جوهر، ونسيمها معطّر، وترابها مسئك أذفر (?)، ويومها غداة، وليلها سحر، وطعامها هنىء، وشرابها مرىء، وتاجرها مالك، وفقيرها فانك (?)، لا كبغدادكم الوسخة السماء، الومدة (?) الهواء، جوها