وكتب عبد الله بن المعتز إلى بعض إخوانه يصف سرّ من رأى، ويذكر خرابها، ويذمّ بغداد وأهلها، ويفضّل سامرّا (?):
«كتبت إليك من بلدة قد أنهض (?) الدهر سكانها، وأقعد جدرانها، فشاهد اليأس فيها ينطق، وحبل الرجاء فيها يقصر، فكأنّ عمرانها يطوى، وكأنّ خرابها ينشر، وقد وكّلت إلى الهجر نواحيها، واستحثّ باقيها إلى فانيها، وقد تمزّقت بأهلها الديار، فما يجب فيها حقّ جوار، فالظاعن (?) منها ممحوّ الأثر، والمقيم بها على طرف سفر، نهاره إرجاف (?)، وسروره أحلام، ليس له زاد فيرحل، ولا مرعى فيرتع، فحالها تصف للعيون الشكوى، وتشير إلى ذم الدنيا، بعد ما كانت بالمرأى القريب جنة الأرض، وقرار الملك، تفيض بالجنود أقطارها، عليهم أردية السيوف، وغلائل (?) الحديد كأن رماحهم قرون الوعول، ودروعهم زبد السّيول، على خيل تأكل الأرض بحوافرها، وتمدّ بالنّقع (?) سرادقها، قد نشرت فى وجوهها غرر (?) كأنها صحائف البرق، وأمسكها تحجيل كأنه أسورة اللّجين، وقرّطت (?) عذرا كالشّنوف، فى جيش يتلقّف الأعداء أوائله، ولم تنهض أواخره،