1456 - قَوْلهم كذب العير وَإِن كَانَ برح
يضْرب مثلا للرجل يُصِيبهُ الْمَكْرُوه مَعَ توقيه لَهُ والمثل لأبي دَاوُد الإيادى وَهُوَ قَوْله
(قلت لما نصلا من قنةٍ ... كذب العير وَإِن كَانَ برح)
أَي عَلَيْك بالعير وَإِن كَانَ قد أَخذ من يسارك إِلَى يَمِينك وَذَلِكَ أَن الطعْن على الْيَمين باليسار شَدِيد يُقَال كذب عَلَيْك الْغَزْو وَكذب عَلَيْك المَاء أَي عَلَيْك بذلك وَمِنْه قَول عمر رضى الله عَنهُ لعَمْرو بن معد يكرب وَقد شكا إِلَيْهِ المغص كذب عَلَيْك الْعَسَل أَي عَلَيْك بِهِ وَالْعَسَل ضربٌ من المشى فِيهِ سرعَة
1457 - قَوْلهم كَيفَ ظَنك بجارك قَالَ كظنى بنفسى
وَذَلِكَ أَن كل أحد يظنّ بِالنَّاسِ مثل طَرِيقَته وَفعله وَقَالَ الْمَجْنُون
(وتحسب ليلى أننى إِذْ هجرتهَا ... حذار الأعادى إِنَّمَا بِي هونها)
(وَلَكِن ليلى لَا تفى بامانةٍ ... فتحسب ليلى أننى سأخونها)
(وَبِي من هَواهَا مَا لَو أَنى أبثه ... جمَاعَة أعدائى بَكت لي عيونها) وَإِلَى هَذَا الْمَعْنى أَشَارَ الشَّاعِر بقوله
(وَيَأْخُذ عيب النَّاس من عيب نَفسه ... )
وَنَحْوه قَول الآخر وَلَيْسَ مِنْهُ بِعَيْنِه
(وأجرأ من رَأَيْت بِظهْر غيب ... على عيب الرِّجَال ذَوُو الْعُيُوب)
(1458 قَوْلهم كالمهدر فِي الْعنَّة
يضْرب مثلا للرجل يتهدد وَلَا يضر
وَأَصله يحبس عَن ألافه فِي الْعنَّة فيأسف ويهدر وَلَا يَنْفَعهُ ذَلِك شَيْئا والعنة حَظِيرَة تعْمل من الشّجر يحبس فِيهَا الْبَعِير وَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة
(قطعت الدَّهْر كالسدم الْمَعْنى ... تهدر فِي دمشق وَلَا تريم)
وَالْمعْنَى يعْنى الْمَحْبُوس فِي الْعنَّة وَأَصله الْمَعْنى كَمَا قيل فِي المتظنن المتظنى وَنَحْو الْمثل قَول المثقب العبدى واسْمه عَائِذ بن مُحصن
(أَلا من مبلغٍ عدوان عَنى ... وَمَا يُغني التوعد من بعيد)
1459 - قَوْلهم كالأرقم إِن يقتل ينقم وَإِن يتْرك يلقم
يضْرب مثلا للرجل يتَوَقَّع شَره فِي كل حَال
والأرقم الْحَيَّة وَرُبمَا وطئ الرجل الْحَيَّة وَهِي ميتةٌ فيسرى سمها فِيهِ فتقتله وَقد تقتل أَيْضا من شم رائحتها وَمن الْحَيَّات ماإذا قَتلهَا الْإِنْسَان مَاتَ لإجراء سم يتَمَيَّز إِلَيْهِ من جسده وَلِهَذَا نهى بعض الْأَوَائِل عَن قتل الْحَيَّات إِلَّا أَن تعرف أجناسها