(تراءته الْعُيُون كَمَا تراءت ... عَشِيَّة فطرها وضح الْهلَال)
وَأَخذه الْمُحدث وَقَالَ
(كَأَنَّهُ والعيون ترمقه ... من كل وَجه هِلَال وشوال)
فآمنه سعيد فَقَالَ
(أَلا من مبلغ عني زياداً ... مغلغلةً يخب بهَا الْبَرِيد)
(بِأَن قد فَرَرْت إِلَى سعيد ... وَمن يسطيع مَا يحمي سعيد)
فَبلغ زياداً ذَلِك فَقَالَ وَالله لَا أرْضى عَنهُ حَتَّى ينتسب فِي بني فقيم فَقَالَ
(أَلا من مبلغ عني زياداً ... بِأَنِّي قد فَرَرْت إِلَى سعيد)
(فَإِن شِئْت انتسبت إِلَى النَّصَارَى ... وَإِن شِئْت انتسبت إِلَى الْيَهُود)
(وَأَن شِئْت ادعيت إِلَى فقيم ... وَإِن شِئْت ادعيت إِلَى القرود)
(وأبغضهم إِلَى بَنو فقيم ... لئام النَّاس فِي الزَّمن الحرود)
فَذكر النَّصَارَى وَالْيَهُود والقرود ثمَّ قَالَ (وابغضهم إِلَى بَنو فقيم) فَبَالغ مُبَالغَة شَدِيدَة فَقَالَ لَهُ مَرْوَان لم ترض أَن نَكُون قعُودا نَنْظُر إِلَيْهِ حَتَّى جعلتنا قيَاما فَقَالَ لَهُ إِنَّك مِنْهُم يَا أَبَا عبد الله لصافن فحقدها عَلَيْهِ مَرْوَان فَلَمَّا عزل سعيد أحضرهُ مَرْوَان فَقَالَ أَنْت الْقَائِل
(هما دلتاني من ثَمَانِينَ قامة ... كَمَا انقض باز أقتم الريش كاسره)
(فَقلت ارفعا الأستار لَا يشعروا بِنَا ... وأدبرت فِي أعجاز ليل أبادره)