الْمُسْنَدِ مَعَ ضَمِيرِ الْفَصْلِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِجَالِسِهِ، وَأَمَّا فَاوَضَهُ فَالْمُرَادُ بِمُصَابَرَتِهِ فِيهِ أَنَّهُ يَصْبِرُ لِمُفَاوَضَتِهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ كَلَامُهُ أَقُولُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كَمَالِ خُلُقِهِ وَحُسْنِ مُعَاشَرَتِهِ يُصَابِرُهُ أَيْضًا حَتَّى يَنْصَرِفَ لِاحْتِمَالِ عُرُوضِ حَاجَةٍ أُخْرَى لَهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَسَبَقَ تَخْفِيفُهَا أَيْ: لَمْ يَصْرِفْهُ (إِلَّا بِهَا) أَيْ: بِتِلْكَ الْحَاجَةِ عَيْنِهَا (أَوْ بِمَيْسُورٍ) أَيْ: حَسَنٍ لَا بِمَعْسُورٍ خَشِنٍ (مِنَ الْقَوْلِ) أَيْ: بِالْوَعْدِ أَوْ بِالشَّفَاعَةِ أَوْ بِالرَّهْبَةِ عَنِ الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِي الْعُقْبَى، وَهَذَا

مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (قَدْ وَسِعَ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ: وَصَلَ (النَّاسَ) أَيْ: أَجْمَعِينَ حَتَّى الْمُنَافِقِينَ لِكَوْنِهِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (بَسْطُهُ) أَيْ: جُودُهُ وَكَرَمُهُ أَوِ انْبِسَاطُهُ (وَخُلُقُهُ) أَيْ: وَحُسْنُ خُلُقِهِ، فَالْمُرَادُ: إِمْدَادَاتُهُ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ (فَصَارَ لَهُمْ أَبًا) أَيْ: فِي الشَّفَقَةِ كَمَا قُرِئَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ (وَصَارُوا) أَيْ: أَصْحَابُهُ أَوْ أُمَّتُهُ (عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً) أَيْ: مُسْتَوِينَ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْأَبْنَاءِ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ حَبَّذَا أَرْضُ الْكُوفَةِ سَوَاءً أَيْ: مُسْتَوِيَةً (مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ عِلْمٍ) وَفِي نُسْخَةٍ مَجْلِسُ حِلْمٍ (وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ) أَيْ: مِنْهُمْ عَلَى مَا يَقَعُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ (لَا تُرْفَعُ فِيهِ) أَيْ: فِي مَجْلِسِهِ (الْأَصْوَاتُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ الْآيَةَ (وَلَا تُؤْبَنُ) بِضَمِّ التَّاءِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ، وَيَجُوزُ إِبْدَالُهُ وَاوًا أَوْ فَتْحُ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الَأَبْنِ، وَهُوَ الْعَيْبُ أَوِ التُّهْمَةُ أَيْ: لَا تُقْذَفُ وَلَا تُعَابُ كَذَا فِي الْفَائِقِ وَقِيلَ أَيْ: لَا تُعْرَفُ وَلَا تُذْكَرُ بِقَبِيحٍ (فِيهِ) أَيْ: فِي مَجْلِسِهِ (الْحُرَمُ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، جَمْعُ

الْحُرْمَةِ، وَهُوَ مَا لَا يَحِلُّ انْتِهَاكُهُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا الْقَبَائِحُ وَرُوِيَ بِضَمَّتَيْنِ، فَالْمُرَادُ بِهِ النِّسَاءُ وَمَا يُحْمَى عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَجْلِسَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَانُ مِنْ رَفَثِ الْقَوْلِ وَفُحْشِ الْكَلَامِ وَمَا لَا يَلِيقُ بِمَقَامِ الْكَرِيمِ، يُقَالُ: أَبَنْتُ الرَّجُلَ إِذَا رَمَيْتُهُ بِخَلَّةِ سُوءٍ، وَرَجُلٌ مَأْبُونٌ أَيْ: مَقْذُوفٌ بِهَا، وَفِي الْمُنْتَقَى: لَا تُوصَفُ بِشَرٍّ وَالْحُرَمُ النِّسَاءُ ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَفِي الْقَامُوسِ أَبَنَهُ بِشَيْءٍ يَأْبُنُهُ وَيَأْبِنُهُ اتَّهَمَهُ فَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015