مَأْبُونٌ بِخَيْرٍ أَوْ بِشَرٍّ فَإِنْ أَطْلَقْتَ فَقُلْتَ مَأْبُونٌ فَهُوَ لِلشَّرِّ وَآبَنَهُ عَابَهُ فِي وَجْهِهِ (وَلَا تُنْثَى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ نُونٍ وَفَتْحِ مُثَلَّثَةٍ أَيْ: لَا تُشَاعُ وَلَا تُذَاعُ (فَلَتَاتُهُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ أَيْ: ذَلَّاتُهُ وَمَعَائِبُهُ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ وُقُوعِهَا جَمْعُ فَلْتَةٍ، وَهِيَ مَا يَبْدُرُ مِنَ الرَّجُلِ مِنْ سَقْطَةٍ، وَفِي الْفَائِقِ الْفَلْتَةُ الْهَفْوَةُ أَيِ: الْقَوْلُ عَلَى غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَالضَّمِيرُ فِي فَلَتَاتِهِ رَاجِعٌ إِلَى الْمَجْلِسِ الَّذِي تَقَدَّمَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَيْ: إِنْ سَقَطَ عَنْ أَحَدِ جُلَسَائِهِ سَقْطَةٌ سُتِرَتْ عَلَيْهِ فَلَمْ يُحْكَ عَنْهُ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْفَلَتَاتِ الزَّلَّاتُ جَمْعُ فَلْتَةٍ، وَالْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِهِ زَلَّاتٌ فَتُحْفَظُ فَتُحْكَى انْتَهَى، فَالنَّفْيُ تَوَجَّهَ إِلَى الْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ جَمِيعًا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ وَكَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا فَكَأَنَّ الْحَنَفِيَّ مَا بَلَغَهُ هَذِهِ الْفَائِدَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْقَاعِدَةِ، وَلِذَا قَالَ بَعْدَ نَقْلِ مَا فِي النِّهَايَةِ: هَذَا حَسَنٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُحَافِظْ فِيهِ الْقَاعِدَةَ الْقَائِلَةَ بِأَنَّ النَّفْيَ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَيْدِ ثُمَّ رَأَيْتُ شَارِحًا قَالَ نَقْلًا عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِهِ فَلَتَاتٌ فَتُنْثَى فَالنَّفْيُ وَاقِعٌ عَلَى الْفَلَتَاتِ لَا عَلَى الذِّكْرِ وَإِذَا انْتَفَى الْمَوْصُوفُ انْتَفَتِ الصِّفَةُ كَذَا فِي الْعَجِيبِ، وَفِي الْقَامُوسِ نَثَا الْحَدِيثَ حَدَّثَ بِهِ وَأَشَاعَهُ وَالنِّثَاءُ مَا أَخْبَرْتَ بِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ حُسْنٍ أَوْ سُوءٍ وَنَثَيْتُ الْخَبَرَ نَثَوْتُهُ انْتَهَى، فَهِيَ وَاوِيَّةٌ أَوْ يَائِيَّةٌ، وَفِي النِّهَايَةِ نَثَوْتُ الْحَدِيثَ أَظْهَرْتُهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ قَوْلِهِ نَثَا يَنْثُو إِذَا تَكَلَّمَ بِقَبِيحٍ فَلَمْ أَرَ لِنَقْلِهِ مُسَاعِدًا صَرِيحًا (مُتَعَادِلِينَ) أَيْ: مُتَوَافِقِينَ كَأَنَّهُ خَبَرٌ لِكَانَ الْمُقَدَّرِ أَيْ: كَانُوا مُتَعَادِلِينَ فِيهِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيُّ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ حَالًا، وَالْمَعْنَى: حَالَ كَوْنِ أَهْلِ مَجْلِسِهِ مُتَعَادِلِينَ أَيْ: مُتَسَاوِينَ لَا يَتَكَبَّرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْحَسَبِ وَالنَّسَبِ بَلْ كَانُوا كَمَا قَالَ (يَتَفَاضَلُونَ) أَيْ: يَفْضُلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ (فِيهِ) أَيْ: فِي مَجْلِسِهِ (بِالتَّقْوَى) أَيْ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا عِلْمًا وَعَمَلًا، وَفِي نُسْخَةٍ: يَتَعَاطَفُونَ بَدَلَ يَتَفَاضَلُونَ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ فِي الْمَعْنَى وَمُلَائِمٌ لِقَوْلِهِ (مُتَوَاضِعِينَ) وَهُوَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ خَبَرٌ لِكَانُوا مُقَدَّرًا (يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ) أَيْ: عُمْرًا أَوْ قَدْرًا (وَيَرْحَمُونَ فِيهِ الصَّغِيرَ) بِنَاءً عَلَى مَا وَرَدَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَلَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا كَمَا رَوَاهُ المص عَنْ أَنَسٍ فِي جَامِعِهِ (وَيُؤْثِرُونَ) مِنَ الْإِيثَارِ بِمَعْنَى الِاخْتِيَارِ، وَهُوَ مَهْمُوزٌ، وَيَجُوزُ إِبْدَالُهُ أَيْ: يَخْتَارُونَ (ذَا الْحَاجَةِ) أَيْ: عَلَى مَنْ لَيْسَ بِذِي حَاجَةٍ ضَرُورِيَّةٍ (وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ) أَيْ: يُرَاعُونَهُ وَيُكْرِمُونَهُ وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ مُوَاسَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْغَرِيبِ أَوْ يَعْتَنُونَ بِحِفْظِ الْغَرِيبِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْمَذْكُورَةِ فِي
مَجْلِسِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَزِيعَ) بِفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ وَكَسْرِ زَاءٍ فَتَحْتِيَّةٍ فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ) بِتَشْدِيدِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ أُهْدِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: لَوْ أُرْسِلَ هَدِيَّةٌ (إِلَيَّ كُرَاعٌ) بِضَمِّ الْكَافِ، وَهُوَ مَا دُونَ الرُّكْبَةِ مِنَ السَّاقِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ وَمَا دُونَ الْكَعْبِ مِنَ الدَّوَابِّ عَلَى مَا فِي الْمُغْرِبِ (لَقَبِلْتُ) أَيْ: نَظَرًا إِلَى تَعْظِيمِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ وَتَوَاضُعًا فِي مَخْلُوقِ اللَّهِ بِنَاءً لِمَحَبَّتِهِ وَتَخَلُّقًا بِأَخْلَاقِ اللَّهِ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا فَمِنَ الْخُلُقِ الْجَمِيلِ قَبُولُ الْقَلِيلِ وَجَزَاءُ الْجَزِيلِ (وَلَوْ دُعِيتُ عَلَيْهِ) أَيْ: إِلَيْهِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (لَأَجَبْتُ) أَيِ: الدَّاعِيَ، وَلَمْ أَتَكَبَّرْ