وَالتَّقْوَى وَكِلَاهُمَا بِالْوَاوِ فَإِنَّ الْمُوَاسَلَةَ بِمَعْنَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْأُمُورِ كَالْمَعَاشِ وَالرِّزْقِ يُقَالُ: آسَيْتُهُ بِمَالٍ مُوَاسَاةً أَيْ: جَعَلْتُهُ أُسْوَتِي فِيهِ فَأَصْلُهَا بِالْهَمْزِ فَقُلِبَتْ وَاوًا تَخْفِيفًا كَمَا قَرَأَ وَرْشٌ «لَا تُوَاخِذْنَا» بِالْوَاوِ مَعَ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ مَهْمُوزَةٌ لَا غَيْرُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْقَامُوسِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلِازْدِوَاجِ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ فِيهِ، وَأَمَّا الْمُوَازَرَةُ فَهُوَ مِنَ الْوَزِيرِ، وَهُوَ الَّذِي يُوَازِرُ الْأَمْرَ أَيْ: يُعَاوِنُهُ أَوْ يَحْمِلُ عَنْهُ وَزْرَهُ وَثِقَلَهُ بِمُسَاعَدَتِهِ لَهُ فِيمَا يَثْقُلُ عَلَيْهِ مِنَ الرَّأْيِ (قَالَ) أَيِ: الْحُسَيْنُ (فَسَأَلْتُهُ) أَيْ: عَلِيًّا (عَنْ مَجْلِسِهِ) أَيْ: عَنْ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَقْتِ جُلُوسِهِ (فَقَالَ) أَيْ: عَلِيٌّ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقُومُ) أَيْ: مِنْ مَجْلِسِهِ (وَلَا يَجْلِسُ) أَيْ: فِي مَوْضِعِهِ (إِلَّا عَلَى ذِكْرٍ) أَيْ: عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ، وَفِي عَدَمِ ذِكْرِهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَمَالِ ذِكْرِهِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِكِلَا الْفِعْلَيْنِ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ (وَإِذَا انْتَهَى) أَيْ: وَصَلَ (إِلَى قَوْمٍ) أَيْ: جَالِسِينَ وَأَغْرَبَ الْحَنَفِيُّ حَيْثُ قَالَ أَيْ: إِذَا بَلَغَهُمْ يُقَالُ: أَنْهَيْتُ إِلَيْهِ الْخَبَرَ فَانْتَهَى، وَتَنَاهَى أَيْ: بَلَغَ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَوَجْهُ غَرَابَتِهِ أَنَّ انْتَهَى حِينَئِذٍ مُطَاوِعٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ (جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ) أَيِ: بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْجُلُوسِ (الْمَجْلِسُ) وَهُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ: مَوْضِعُ الْجُلُوسِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ الْمَصْدَرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ هُنَا بِالْكَسْرِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ فِي الْمَكَانِ الْخَالِي، أَيَّ مَكَانٍ كَانَ؛ لِأَنَّ شَرَفَ الْمَكَانِ بِالْمَكِينِ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَطْلُبُ الصَّدَارَةَ بِنَاءً عَلَى التَّوَاضُعِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ (وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ) أَيِ: الْجُلُوسِ عِنْدَ مُنْتَهَى الْمَجْلِسِ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا.

إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَإِنْ وُسِّعَ لَهُ فَلْيَجْلِسْ وَإِلَّا فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَوْسَعِ مَكَانٍ يَرَاهُ فَلْيَجْلِسْ فِيهِ (يُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ) أَيْ: كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مُجَالِسِيهِ (بِنَصِيبِهِ) أَيْ: بِحَظِّهِ، وَالْبَاءُ دَخَلَتْ عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي مِنْ بَابِ أَعْطَيْتَ تَأْكِيدًا وَقِيلَ إِنَّهُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَجُوِّزَ أَنَّ الْمَفْعُولَ مُقَدَّرٌ، وَقَوْلُهُ بِنَصِيبِهِ صِفَتُهُ أَيْ: شَيْئًا بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ (كُلَّ) إِذَا أُضِيفَ إِلَى جَمْعٍ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجَمْعِ، وَأَبْعَدَ الْحَنَفِيُّ فِي قَوْلِهِ: وَالضَّمِيرُ فِي نَصِيبِهِ لَيْسَ لِلْكُلِّ وَلَا لِجُلَسَائِهِ بَلْ لِمَا يُفْهَمُ ضِمْنًا فَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمُ: التَّرْتِيبُ جَعْلُ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَرْتَبَتِهِ وَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ انْتَهَى، وَبُعْدُهُ لَا يَخْفَى (لَا يَحْسَبُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهِ وَبِهِمَا قُرِئَ فِي السَّبْعَةِ أَيْ: لَا يَظُنُّ (جَلِيسُهُ) أَيْ: مُجَالِسُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْإِضَافَةُ لِلْجِنْسِ (أَنَّ أَحَدًا) أَيْ: مِنْ أَمْثَالِهِ (أَكْرَمُ عَلَيْهِ) عَلَيْهِ السَّلَامُ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ نَفْسِهِ (مَنْ جَالَسَهُ) أَيْ: جَلَسَ مَعَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ فَمَنْ جَالَسَهُ بِالْفَاءِ (أَوْ فَاوَضَهُ) أَيْ: رَاجَعَهُ (فِي حَاجَةٍ) وَ (أَوْ) لِلتَّنْوِيعِ، وَأَبْعَدَ الْحَنَفِيُّ فِي تَجْوِيزِهَا لِلشَّكِّ (صَابَرَهُ) أَيْ: غَلَبَهُ فِي الصَّبْرِ ذَكَرَهُ الْحَنَفِيُّ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ لَمْ تَجِئْ لِلْغَلَبَةِ بَلْ مُجَرَّدَةً، نَعَمِ الْمُفَاعَلَةُ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمُغَالَبَةِ فَهِيَ لِلْمُبَالَغَةِ، فَالْمَعْنَى: بَالَغَ فِي الصَّبْرِ مَعَهُ وَعَلَى مَا يَصْدُرُ عَنْهُ حَيْثُ لَا يُبَادِرُ بِالْقِيَامِ وَلَا يَقْطَعُ لَهُ الْكَلَامَ بَلْ يَسْتَمِرُّ مَعَهُ (حَتَّى يَكُونَ هُوَ) أَيِ: الْمُجَالِسُ أَوِ الْمُفَاوِضُ (الْمُنْصَرِفَ) أَيْ: عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا الرَّسُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْهُ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ تَعْرِيفِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015