عَنْ أَحْوَالِهِمُ انْتَهَى، وَوَقَعَ فِي كِتَابِ (الْوَفَاءِ) لِابْنِ الْجَوْزِيِّ فَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ مِنْ مَسْأَلَتِهِ عَنْهُمْ وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمُ انْتَهَى (وَإِخْبَارِهِمْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَجْرُورًا عَلَى مَا فِي الْأُصُولِ عَطْفٌ عَلَى مَسْأَلَتِهِمْ، وَالْإِضَافَةُ إِمَّا إِلَى الْفَاعِلِ أَيْ: إِخْبَارِهِمْ إِيَّاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ) فَحِينَئِذٍ هَذَا مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ التَّفْسِيرِ، أَوِ الْمَعْنَى: إِخْبَارُهُمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ أَيْ: لِمَنْ هُوَ لَيْسَ بِحَاضِرٍ بَلْ هُوَ غَائِبٌ فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ (وَيَقُولُ) أَيْ: بَعْدَ الْإِفَادَةِ لَهُمْ (لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ) كَالْمُبَيِّنِ لَهُ أَوْ إِلَى الْمَفْعُولِ يَعْنِي إِخْبَارَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِيَّاهُمْ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَسْأَلَتِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ فَيَكُونُ هَذَا إِشَارَةً إِلَى جَوَابِ مَسْأَلَتِهِمْ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَفَيْدُ، كَذَا أَفَادَهُ الْحَنَفِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِخْبَارُهُمْ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَفَاعِلُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ: وَمِنْ أَجْلِ إِخْبَارِهِ إِيَّاهُمْ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَسْأَلَتِهِمْ وَزَعْمُ عَطْفِهِ عَلَى مَا يُصْلِحُهُمْ تَكَلُّفٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ وَفِي نُسْخَةٍ بِإِخْبَارِهِمْ عَطْفٌ عَلَى بِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ

بَلْ لَوْ حُمِلَ عَلَيْهِ النُّسْخَةُ الْأُولَى لَكَانَ أَوْضَحَ انْتَهَى، وَبُعْدُهُ لَا يَخْفَى.

ثُمَّ قَوْلُهُ (لِيُبَلِّغْ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مِنَ التَّبْلِيغِ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا مِنَ الْإِبْلَاغِ وَيُسَاعِدُهُ قَوْلُهُ (وَأَبْلِغُونِي) أَيْ: يَقُولُ لَهُمْ أَيْضًا أَوْصِلُوا إِلَيَّ (حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا) أَيْ: مِنَ الضُّعَفَاءِ كَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ (فَإِنَّهُ) أَيِ: الشَّأْنُ (مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا) أَوْ وَالِيًا أَوْ قَادِرًا (حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا) أَيْ: دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً (ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ: عَلَى الصِّرَاطِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَرَّكَهُمَا فِي إِبْلَاغِ حَاجَةِ هَذَا الضَّعِيفِ وَمَشَى بِهِمَا فِي مُسَاعَدَةِ الضَّعِيفِ جُوزِيَ بِعَوْدِ صِفَةٍ كَامِلَةٍ تَامَّةٍ لَهُمَا وَهِيَ ثَبَاتُهُمَا عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ جَزَاءً وِفَاقًا (وَلَا يُذْكَرُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: لَا يُحْكَى (عِنْدَهُ إِلَّا ذَلِكَ) أَيْ: مَا يُذْكَرُ مِنَ النَّاسِ وَالْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: أَيْ مَا يُصْلِحُهُمْ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا ثُمَّ الْحَصْرُ غَالِبِيٌّ أَوْ إِضَافِيٌّ، وَالْمَعْنَى لَا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا مَا يُفِيدُهُمْ فِي دِينِهِمْ أَوْ دُنْيَاهُمْ دُونَ مَا لَا يَنْفَعُ فِيهِمَا كَالْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي لَا فَائِدَةَ فِيهَا فَإِنَّهَا كَانَتْ لَا تُذْكَرُ عِنْدَهُ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ وَإِيَّاهُمْ فِي شُغْلٍ شَاغِلٍ عَنْ ذَلِكَ (وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ) أَيْ: مِنْ كَلَامِ أَحَدٍ شَيْئًا (غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَاجَةِ أَحَدٍ فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ كَالْمُؤَكَّدَةِ بِمَا قَبْلَهَا (يَدْخُلُونَ) أَيِ: النَّاسُ عَلَيْهِ (رُوَّادًا) بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ: جَمْعُ رَائِدٍ بِمَعْنَى طَالِبٍ أَوْ طَالِبِينَ لِلْمَنَافِعِ وَالْحِكَمِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى النِّعَمِ مُلْتَمِسِينَ لِلْحَاجَاتِ الدَّافِعَةِ عَنِ النِّقَمِ، وَالرَّائِدُ فِي الْأَصْلِ مَنْ يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ لِيَنْظُرَ لَهُمُ الْكَلَاءَ وَمَسَاقِطَ الْغَيْثِ، وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِتَقَدُّمِ أَفَاضِلِ أَصْحَابِهِ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ لِيَسْتَفِيدُوا أَوْ يُفِيدُوا سَائِرَ الْأُمَّةِ وَيَكُونَ سَبَبًا لِوِقَايَتِهِمْ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَهَالِكِ وَمَوَاقِعِ الظُّلْمَةِ (وَلَا يَفْتَرِقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَّاقٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فَعَّالٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنَ الذَّوْقِ وَيَقَعُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالِاسْمِ أَيْ: عَنْ مَطْعُومٍ حِسِّيٍّ عَلَى مَا هُوَ الْأَغْلَبُ أَوْ مَعْنَوِيٍّ مِنَ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ فَإِنَّهُ يَقُومُ لِأَرْوَاحِهِمْ مَقَامَ الطَّعَامِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015