أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ التَّحَوُّلِ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، وَإِيرَادِ التَّحْوِيلِ، قُلْتُ: إِجْمَاعُ النُّسَخِ عَلَى قَوْلِهِ (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ نَحْوَهُ) بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ التَّحْوِيلِ سَوَاءٌ ضَمَّ مَعَهُ لَفْظَةَ «نَحْوَهُ» لِلتَّأَكِيدِ أَوْ حَذَفَ وَاكْتَفَى بِنَحْوِهِ الْأَخِيرِ الْمَوْجُودِ اتِّفَاقًا نَعَمْ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِحَاءِ التَّحْوِيلِ فَقَطْ بَعْدَ قَوْلِهِ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَمْعَنَ فِي النَّظَرِ فَتَدَبَّرْ.
(حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ) أَيْ: أَحْيَانًا لِمَا سَبَقَ (رَسُولُ اللَّهِ) وَفِي نُسْخَةٍ النَّبِيُّ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ) فَالتَّهَجُّدُ سِتُّ رَكَعَاتٍ بِسَلَامَيْنِ أَوْ بِثَلَاثٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ بِكَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرُ؟ قَالَتْ: يُوتِرُ بِأَرْبَعٍ، وَثَلَاثٍ، وَسِتٍّ، وَثَلَاثٍ، وَثَمَانٍ، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَثَلَاثٍ، وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بَأَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ. وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ سَأَلَهَا عَنْ صَلَاتِهِ فَقَالَتْ: سَبْعًا وَتِسْعًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً سِوَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أُشْكِلَ حَدِيثُهَا عَلَى كَثِيرٍ حَتَّى نُسِبَ إِلَى الِاضْطِرَابِ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ لَوِ اتَّحَدَ الرَّاوِي عَنْهَا، وَالْوَقْتُ وَالصَّوَابُ أَنَّ مَا ذَكَرَتْهُ مِنْ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَأَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسْبِ النَّشَاطِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ انْتَهَى.
وَسَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ كَانَ تَارَةً يُصَلِّي قَائِمًا وَهُوَ الْأَغْلَبُ وَتَارَةً جَالِسًا ثُمَّ قَبْلَ الرُّكُوعِ يَقُومُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَبَّا حَنِيفَةَ قَالَ يَتَعَيَّنُ الْوَتْرُ ثَلَاثًا مَوْصُولَةً مُحْتَجًّا بِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذَا حَسَنٌ جَائِزٌ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ وَنَقَصَ، فَأَخَذَ بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَتَرَكَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ وَرَدَ: بِأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَرِهَ الثَّلَاثَ الْمَوْصُولَةَ فِي الْوَتْرِ فَمَرْدُودٌ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ سُلَيْمَانَ مِنَ التَّابِعِينَ، وَالْكَلَامُ فِي إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، فَمُخَالَفَتُهُ تَضُرُّ نَفْسَهُ لَا غَيْرَهُ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: مَكْرُوهٌ، يُحْمَلُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى عِنْدَهُ، فَلَا يُنَافِي مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحُسْنِ، وَالْجَوَازِ، هَذَا وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنِ الْبُتَيْرَاءِ هُوَ بِظَاهِرِهِ يَعُمُّ الرَّكْعَةَ الْمُفْرَدَةَ الَّتِي لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ، وَتَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ بِكَرَاهَتِهَا، وَالَّتِي قَبْلَهَا شَفْعٌ أَوْ أَكْثَرُ كَمَا قَالُوا بِاسْتِحْبَابِهَا، وَلِابْنِ حَجَرٍ هُنَا أَبْحَاثٌ سَاقِطَةُ الِاعْتِبَارِ أَعْرَضْنَا عَنْ ذِكْرِهَا لِلِاخْتِصَارِ.
(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ نَحْوَهُ) أَيْ: فِي بَقِيَّةِ الْإِسْنَادِ
وَلَفْظِ الْحَدِيثِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَحْوَهُ هَذَا بِمَعْنًى أَيْ: فِي بَقِيَّةِ الْإِسْنَادِ، وَلَفْظِ الْحَدِيثِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَحْوَهُ هَذَا بِمَعْنَى مِثْلِهِ بِلَا تَفَاوُتٍ.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ) بِضَمِّ مِيمٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ) بِالْجَرِّ وَلَوْ رُفِعَ لَهُ وَجْهٌ (عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: فِي جَامِعِهِ أَبُو حَمْزَةَ عِنْدَنَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ انْتَهَى.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو حَمْزَةَ عِنْدَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ مِيرَكُ: وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: طَلْحَةُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو حَمْزَةَ الْأَنْصَارِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَاحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَالرَّجُلُ شَيْخُهُ هُوَ صِلَةُ بْنُ زُفَرَ الْعَبْسِيُّ الْكُوفِيُّ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ (عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ) وَرَوَاهُ عَنْهُ أَيْضًا الشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مَعَ تَخَالُفٍ فِي بَعْضِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ (أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ اللَّيْلِ) مِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَوْ بِمَعْنَى فِي، وَلَفْظُ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَهُ فِي لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ بِالصَّلَاةِ (قَالَ) أَيْ: حُذَيْفَةُ (فَلَمَّا دَخَلَ) الْفَاءُ تَفْصِيلِيَّةٌ قَالَ الْحَنَفِيُّ: وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ: أَرَادَ الدُّخُولَ (فِي الصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ) إِلَخْ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا بَعْدَ تَكْبِيرَةِ التَّحْرِيمَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ زِيَادَةُ الْكَلِمَاتِ الْآتِيَةِ، وَكَذَا رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ كَمَا دَرَجُوا عَلَيْهِ، وَتَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ إِيَّاهُ بِالْكَبِيرِ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ كُنْهُ كِبْرِيَائِهِ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ أَفْعَلُ فَعْلَى يَلْزَمُهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ، أَوِ الْإِضَافَةُ كَالْأَكْبَرِ وَأَكْبَرِ الْقَوْمِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ تَجْرِيدِهِ عَنِ الْمُتَعَلِّقَاتِ لِاتِّصَافِهِ سُبْحَانَهُ بِالْأَكْبَرِيَّةِ أَيْضًا قِيلَ حُدُوثُ الْمَوْجُودَاتِ، وَظُهُورُ الْمَخْلُوقَاتِ،