وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ شَعِيرٍ، وَكَذَا فِي نُسْخَةٍ (فَطَحَنَتْهُ ثُمَّ جَعَلَتْهُ) أَيْ دَقِيقَهُ (فِي قِدْرٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ: بُرْمَةٍ، (وَصَبَّتْ) أَيْ: كَبَّتْ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الدَّقِيقِ (شَيْئًا) أَيْ: قَلِيلًا (مِنْ زَيْتٍ) أَيْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ الدُّهْنُ (وَدَقَّتِ الْفُلْفُلَ) بِضَمِّ الْفَاءَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْأَوَّلِ، هُوَ الرِّوَايَةُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا أَوْرَدَهُ صَاحِبُ مُهَذَّبِ الْأَسْمَاءِ فِي الْمَضْمُومَةِ، ذَكَرَهُ مِيرَكُ وَهُوَ حَبَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَفِي الْقَامُوسِ الْفُلْفُلُ كَهُدْهُدٍ وَزِبْرِجٍ، حَبٌّ هِنْدِيٌّ وَالْأَبْيَضُ أَصْلَحُ، وَكِلَاهُمَا نَافِعٌ لِأَشْيَاءَ ذَكَرَهَا، (وَالتَّوَابِلَ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَبْزَارُ الطَّعَامِ وَهِيَ أَدْوِيَةٌ حَارَّةٌ، يُؤْتَى بِهَا مِنَ الْهِنْدِ، وَقِيلَ هُوَ مُرَكَّبٌ مِنَ الْكُزْبَرَةِ وَالزَّنْجَبِيلِ وَالرَّازِيَانِجِ وَالْكَمُّونِ، جَمْعُ تَابِلٍ بِمُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ أَوْ مَفْتُوحَةٍ، (فَقَرَّبَتْهُ) أَيِ الطَّعَامَ بَعْدَ طَحْنِهِ وَغَرْفِهِ فِي وِعَاءٍ، (إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ هَذَا) أَيْ وَأَمْثَالُهُ (مِمَّا كَانَ يَعْجِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِالضَّبْطَيْنِ (وَيُحَسِّنُ أَكْلَهُ) بِالْوَجْهَيْنِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَرَوَى الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ السِّلْقَ مَطْبُوخًا بِالشَّعِيرِ، قُلْتُ: وَسَيَأْتِي فِي الْأَصْلِ قَرِيبًا وَأَكْلُ الْخَزِيرَةِ بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَزَايٍ مَكْسُورَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ فَرَاءٍ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: كَالْعَصِيدَةِ إِلَّا أَنَّهَا أَرَقُّ، وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: دَقِيقٌ يُخْلَطُ بِشَحْمٍ، وَالْجَوْهَرِيُّ كَالطِّيبِيِّ لَحْمٌ يُقَطَّعُ صِغَارًا وَيُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ كَثِيرٌ، فَإِذَا نَضِجَ ذُرَّ عَلَيْهِ دَقِيقٌ، وَقِيلَ: هِيَ بِالْإِعْجَامِ مِنَ النُّخَالَةِ وَبِالْإِهْمَالِ مِنَ اللَّبَنِ.
وَأَكْلُ الْكَبَاثِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِمُثَلَّثَةٍ آخِرَهُ النَّضِيجُ مِنْ ثَمَرِ الْأَرَاكِ، وَقِيلَ: وَرَقُهُ، وَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ جُمَّارَ النَّخْلِ، وَهُوَ كَرُمَّانٍ شَحْمُهُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِجُبْنَةٍ فِي تَبُوكَ، فَدَعَا بِسِكِّينٍ فَسَمَّى وَقَطَعَ أَيْ بِقِطْعَةٍ مِنَ الْجُبْنِ، وَهُوَ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ بِضَمٍّ وَبِضَمَّتَيْنِ، وَكَعُتُلٍّ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ تَجَبَّنَ اللَّبَنُ صَارَ كَالْجُبْنِ.
(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الِأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبَيْحٍ) بِضَمِّ نُونٍ وَفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ وَسُكُونِ تَحْتِيَّةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ (الْعَنَزِيِّ) بِفَتْحِ
الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ، وَبِالزَّايِ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي عَنَزَةَ، قَبِيلَةٌ مِنْ رَبِيعٍ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) صَحَابِيَّانِ (قَالَ: أَتَانَا النَّبِيُّ) وَفِي نُسْخَةٍ: رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلِنَا فَذَبَحْنَا لَهُ) أَيْ لِأَجْلِهِ أَصَالَةً وَلِأَصْحَابِهِ تَبَعًا (شَاةً) وَهِيَ جِنْسٌ يَتَنَاوَلُ الضَّأْنَ وَالْمَعِزَ، وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى جَمِيعًا، وَأَصْلُهَا شَاهَةٌ ; لِأَنَّ تَصْغِيرَهَا شُوَيْهَةٌ فَحُذِفَتِ الْهَاءُ، وَأَمَّا عَيْنُهَا فَوَاوٌ، وَإِنَّمَا انْقَلَبَتْ يَاءً فِي شِيَاهٍ لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا (فَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي نُسْخَةٍ زِيَادَةُ: «لَهُمْ» أَيْ لِجَابِرٍ وَأَهْلِ مَنْزِلِهِ (كَأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّا نُحِبُّ اللَّحْمَ) أَيْ مُطْلَقًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَدْحِ اللَّحْمِ أَوْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِلِاحْتِيَاجِ إِلَى الْقُوَّةِ، لِمُدَافَعَةِ الْعَدُوِّ وَمُقَاوَمَتِهِمْ أَوِ الْمُرَادُ بِذَلِكَ تَأْنِيسُهُمْ وَجَبْرُ خَاطِرِهِمْ، دُونَ إِظْهَارِ الشَّغَفِ بِاللَّحْمِ وَالْإِفْرَاطِ فِي مَحَبَّتِهِ، وَفِيهِ إِرْشَادٌ لِلْمُضِيفِ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُثَابِرَ عَلَى مَا يُحِبُّهُ الضَّيْفُ إِنْ عَرَفَهُ، وَلِلضَّيْفِ إِلَى أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يُحِبُّهُ، حَيْثُ لَمْ يُوقِعِ الْمُضِيفَ فِي مَشَقَّةٍ، (وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ) أَيْ طَوِيلَةٌ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هِيَ أَنَّ جَابِرًا فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، قَالَ: انْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُوعًا شَدِيدًا، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بَهِيمَةٌ دَاجِنٌ أَيْ شَاةٌ سَمِينَةٌ، فَذَبَحْتُهَا أَنَا وَطَحَنَتْ أَيْ زَوْجِي الشَّعِيرَ، حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي الْبُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ سِرًّا، وَقُلْتُ لَهُ: تَعَالَى أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصَاحَ يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا صَنَعَ سَوْرًا أَيْ بِسُكُونِ الْوَاوِ بِغَيْرِ هَمْزٍ، طَعَامًا يَدْعُوا إِلَيْهِ النَّاسَ، وَاللَّفْظَةُ فَارِسِيَّةٌ فَحَيْهَلًا بِكُمْ، أَيْ هَلُمُّوا مُسْرِعِينَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُنْزِلَنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلَا تَخْبِزَنَّ عَجِينَتَكُمْ