ذَلِكَ، وَصَفِيَّةُ هَذِهِ بِنْتُ حُيَيِّ بِنِ أَخْطَبَ الْيَهُودِيِّ، وَهِيَ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى الْكَلِيمِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَهِيَ مِنْ أَجْمَلِ نِسَاءِ قَوْمِهَا، كَانَتْ تَحْتَ كِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحَقِيقِ، فَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَوَقَعَتْ فِي السَّبْيِ، وَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، وَكَانَتْ رَأَتْ قَبْلُ أَنَّ الْقَمَرَ سَقَطَ فِي حِجْرِهَا، فَتَأَوَّلَ بِذَلِكَ، قَالَ الْحَاكِمُ: وَكَذَا جَرَى لِجُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَفِي رِوَايَةٍ وَقَعَتْ فِي يَدِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ، وَأَسْلَمَتْ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، وَمَاتَتْ سَنَةَ خَمْسِينَ وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ هَذَا.
وَنَقَلَ الْقَاضِي اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ الْإِجَابَةِ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَقَالَ: اخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا، فَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ: لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَيْهَا، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَى كُلِّ دَعْوَةٍ مِنْ عُرْسٍ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَوْ عُرْفِيٌّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْوَلِيمَةُ طَعَامٌ يُصْنَعُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ اقْتِدَاءً بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ) وَفِي نُسْخَةٍ سُفْيَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ مِيرَكُ: وَهِيَ غَلَطٌ ; لِأَنَّ سُفْيَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ لَمْ يُذْكَرْ فِي الرُّوَاةِ (الْبَصْرِيُّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُكْسَرُ (حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَلَامٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْفَضْلُ، قَالَ السَّيِّدُ أَصِيلُ الدِّينِ: كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْمَسْمُوعَةِ فِي بِلَادِنَا، وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ فُضَيْلٌ بِالتَّصْغِيرِ، كَمَا وَجَدْنَاهُ فِي النُّسَخِ الشَّامِيَّةِ (بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي) وَفِي نُسْخَةٍ ثَنَا (فَائِدٌ) بِالْفَاءِ (مَوْلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ) هُوَ الْقِبْطِيُّ وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَقِيلَ: أَسْلَمُ، أَوْ ثَابِتٌ أَوْ هُرْمُزُ (مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ فِي أَسْمَاءِ رِجَالِهِ: هُوَ أَبُو رَافِعٍ أَسْلَمُ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَلَبَتْ عَلَيْهِ كُنْيَتُهُ، كَانَ قِبْطِيًّا وَكَانَ لِلْعَبَّاسِ، فَوَهَبَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَشَّرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِ الْعَبَّاسِ أَعْتَقَهُ، وَكَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ بَدْرٍ، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، مَاتَ قَبْلَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِيَسِيرٍ (قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ) أَيِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ (عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَهِيَ زَوْجَةُ أَبِي رَافِعٍ (أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْحُسَيْنَ بِالتَّصْغِيرِ بَدَلًا عَنِ الْحَسَنِ (وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ جَعْفَرٍ) أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (أَتَوْهَا) أَيْ جَاءُوا سَلْمَى زَائِرِينَ لَهَا (فَقَالُوا) أَيْ بَعْضُهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ لَهَا (اصْنَعِي لَنَا طَعَامًا مِمَّا كَانَ يُعْجِبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ، إِمَّا مِنَ الْإِعْجَابِ فَرَسُولُ اللَّهِ مَفْعُولُهُ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِيهِ لِلْمَوْصُولِ، أَوْ مِنَ الْعَجَبِ بِفَتْحَتَيْنِ مِنْ بَابِ عَلِمَ، فَهُوَ فَاعِلُهُ وَضَمِيرُ الْمَوْصُولِ فِي الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ، أَيْ مِمَّا كَانَ يُعْجِبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ فَاعِلًا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ يَسْتَحْسِنُهُ، وَبِالْجُمْلَةِ إِنْ كَانَ يُعْجِبُ مِنَ الْإِعْجَابِ، يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مَرْفُوعًا وَمَنْصُوبًا بِنَاءً عَلَى مَعْنَى الْإِعْجَابِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَجَبِ فَهُوَ
مَرْفُوعٌ، وَكَذَا الْحَالُ فِيمَا وَقَعَ ثَانِيًا (وَيُحَسِّنُ) مِنَ الْإِحْسَانِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّحْسِينِ (أَكْلَهُ) بِالنَّصْبِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ مَصْدَرٌ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ (فَقَالَتْ يَا بُنَيَّ) بِالتَّصْغِيرِ لِلشَّفَقَةِ، وَالْمَقْصُودُ بِالنِّدَاءِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوِ الْمُتَكَلِّمُ مِنْهُمْ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِكَسْرِهَا، وَبِهِمَا قُرِئَ فِي التَّنْزِيلِ، ثُمَّ إِفْرَادُهُ مَعَ أَنَّ الْجَمْعَ هُوَ الْمُلَائِمُ إِيثَارًا لِأَكْبَرِهِمْ، أَوْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا اتَّحَدَتْ طِلْبَتُهُمْ صَارُوا بِمَنْزِلَةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: رُوِيَ مُصَغَّرًا وَمُكَبَّرًا انْتَهَى. فَحِينَئِذٍ يَكُونُ جَمْعًا لَكِنَّ الْمُكَبَّرَ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي أُصُولِنَا، وَقَدْ قَالَ مِيرَكُ: الرِّوَايَةُ الْمَسْمُوعَةُ فِيهِ التَّصْغِيرُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ مَعَهَا وَاحِدٌ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ بِرِضَى الْآخَرِينَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (لَا نَشْتَهِيهِ الْيَوْمَ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْتَمَسَ مِنْهَا الطَّعَامَ الْمَوْصُوفَ الْمَذْكُورَ (قَالَ) أَيِ الْمُخَاطَبُ بِيَا بُنَيَّ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ، (بَلَى) أَيْ نَشْتَهِيهِ عَلَى سَبِيلِ الْبَرَكَةِ، وَنَفْيُهَا مَحْمُولٌ عَلَى طَرِيقِ الطَّبْعِ وَعُرِّفَ الْوَقْتُ لِاتِّسَاعِ الْعَيْشِ وَذَهَابِ ضِيقِهِ الَّذِي كَانَ أَوَّلًا ; وَلِهَذَا قَيَّدَتْهُ بِالْيَوْمِ (اصْنَعِيهِ لَنَا قَالَ) أَيِ الرَّاوِي عَنْ سَلْمَى أَوْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ (فَقَامَتْ فَأَخَذَتْ شَيْئًا) أَيْ قَلِيلًا (مِنَ الشَّعِيرِ)