وَيَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ، فَخَالِفُوهُمْ، وَكَانَ يَحُزُّ سِبَالَهُ كَمَا يَحُزُّ الشَّاةَ وَالْبَعِيرَ، وَفِي خَبَرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، قُصُّوا سِبَالَكُمْ، وَوَفِّرُوا لِحَاكُمْ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَفِّرُوا اللِّحَى وَخُذُوا مِنَ الشَّوَارِبِ، وَانْتِفُوا الْإِبِطَ، وَقُصُّوا الْأَظَافِيرَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَقُصُّوا سِبَالَكُمْ، وَالْعُثْنُونُ اللِّحْيَةُ، وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتَنَوَّرُ، وَكَانَ إِذَا كَثُرَ شَعْرُهُ أَيْ شَعْرُ عَانَتِهِ حَلَقَهُ، وَصَحَّ لَكِنْ أُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا طَلَا بَدَأَ بِعَانَتِهِ فَطَلَاهَا بِالنَّوْرَةِ، وَسَائِرِ جَسَدِهِ، وَخَبَرُ أَنَّهُ دَخَلَ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ زَعَمَ الدَّمِيرِيُّ وَغَيْرُهُ وُرُودَهُ، وَفِي مُرْسَلٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّمُ أَظَافِرَهُ، وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَرَوَى النَّوَوِيُّ كَالْعَبَّادِيِّ: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْغِنَى عَلَى كُرْهٍ، فَلْيُقَلِّمْ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ "، وَفِي الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ: " يَا عَلِيٌّ: قَصُّ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْغُسْلُ وَالطِّيبُ وَاللِّبَاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
قِيلَ: وَلَمْ يَثْبُتْ فِي قَصِّ الظُّفُرِ يَوْمَ الْخَمِيسِ حَدِيثٌ، بَلْ كَيْفَ مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي كَيْفِيَّتِهِ، وَلَا فِي تَعْيِينِ يَوْمٍ لَهُ شَيْءٌ، وَمَا يُعْزَى مِنَ النَّظْمِ فِي ذَلِكَ لِعَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بَاطِلٌ.
(حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ) بِمُهْمَلَةٍ وَتَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ (التَّيْمِيِّ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ التَّمِيمِيِّ بِمِيمَيْنِ، وَهُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ السَّادِسَةِ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: إِمَامٌ ثَبْتٌ (عَنْ أَبِي زُرْعَةَ) بِضَمِّ الزَّايِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ، فَقِيلَ: هِرَمٌ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: جَرِيرٌ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ) أَيْ جِيءَ بِبَعْضِ اللَّحْمِ (فَرَفَعَ إِلَيْهِ) أَيْ مِنْ جُمْلَتِهِ (الذِّرَاعَ) أَيِ السَّاعِدَ قَالَهُ الْحَنَفِيُّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْعُرْفِ وَاللُّغَةِ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ مِنَ الْمِرْفَقِ إِلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ، كَمَا فِي الْمُغْرِبِ لِمُطَابَقَتِهِ لِلْعُرْفِ، أَنَّهُ إِطْلَاقُ الْكُلِّ وَإِرَادَةُ الْبَعْضِ، (وَكَانَتْ) أَيِ الذِّرَاعُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الذِّرَاعُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَكَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْرِبِ بِكَوْنِهِ مُؤَنَّثًا (تُعْجِبُهُ) مِنَ الْإِعْجَابِ، قِيلَ: وَإِنَّمَا كَانَتْ تَعَجِبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُرْعَةِ نُضْجِهَا مَعَ زِيَادَةِ لِينِهَا، وَبُعْدِهَا عَنْ مَوْضِعِ الْأَذَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِإِفَادَةِ زِيَادَةِ قُوَى الْقَوِيِّ بِهَا (فَنَهَسَ) بِالْمُهْمَلَةِ (مِنْهَا) أَيْ مِنَ الذِّرَاعِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْمُعْجَمَةِ، فَفِي النِّهَايَةِ النَّهْسُ أَخْذُ اللَّحْمِ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ، وَالنَّهْشُ بِجَمِيعِهَا، وَقِيلَ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّهُ أَخْذُ مَا عَلَى الْعَظْمِ مِنَ اللَّحْمِ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ، وَقِيلَ: بِالْمُعْجَمَةِ هَذَا وَبِالْمُهْمَلَةِ تَنَاوَلُهُ بِمُقَدَّمِ الْفَمِ، وَقَدِ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ تَوَاضُعًا، وَإِلَّا فَالْقَطْعُ بِالسِّكِّينِ مُبَاحٌ لِلْحَدِيثِ الَّذِي وَقَعَ فِي الْمِشْكَاةِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَيَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِي يَدِهِ، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَلْقَاهَا، وَقَالَ مِيرَكُ: وَإِنَّمَا فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ; وَلِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ تَرْكِ التَّكَبُّرِ وَالتَّكَلُّفِ، وَتَرْكِ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ، انْتَهَى.
فَمَا ثَبَتَ عَنْهُ الْقَطْعُ بِالسِّكِّينِ، يُحْمَلُ عَلَى حَالَةِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى قَطْعِهِ.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ زُهَيْرٍ)