إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنْبًا مَشْوِيًّا) قَالَ شَارِحٌ: مِنْ شَاةٍ وَرَدَ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ (فَأَكَلَ مِنْهُ) قِيلَ: الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ ذِكْرِ هَذَا عَقِبَ الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ، أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَفْضَلُ الْأَغْذِيَةِ، وَأَنْفَعُهَا لِلْبَدَنِ وَالْكَبِدِ وَالْأَعْضَاءِ، وَلَا يَنْفِرُ مِنْهَا إِلَّا مَنْ بِهِ عِلَّةٌ، أَوْ آفَةٌ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، اللَّحْمُ سَيِّدُ الطَّعَامِ لِأَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا، سَيِّدُ طَعَامِ أَهْلِ الدُّنْيَا اللَّحْمُ، ثُمَّ الْأُرْزُ، وَمِنْهَا عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ عَنْ أَبِي سَمْعَانَ، سَمِعْتُ عُلَمَاءَنَا يَقُولُونَ: كَانَ أَحَبُّ الطَّعَامِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّحْمَ، وَهُوَ يَزِيدُ فِي السَّمْعِ، وَهُوَ سَيِّدُ الطَّعَامِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَكْلُهُ يُزِيدُ سَبْعِينَ قُوَّةً، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَكْلُهُ يُزِيدُ فِي الْعَقْلِ، وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ يُصَفِّي اللَّوْنَ، وَيُحَسِّنُ الْخُلُقَ، وَمَنْ تَرَكَهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا سَاءَ خُلُقُهُ، ذَكَرَهُ فِي الْإِحْيَاءِ (ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَمَا تَوَضَّأَ) قَالَ الْمُصَنِّفُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ فَيَكُونُ نَاسِخًا لِحَدِيثِ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، إِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ، وَيُوَافِقُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ وَإِنْ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ.
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: أَكَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِوَاءً) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ مَمْدُودًا أَيْ مَشْوِيًّا، يَعْنِي مَعَ الْخُبْزِ، كَمَا فِي رِوَايَةٍ وَفِي الْقَامُوسِ شَوَى اللَّحْمَ شَيًّا فَاشْتَوَى وَانْشَوَى، وَهُوَ الشِّوَاءُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَكَغِنَى فَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ لَحْمًا ذَا شِوًى، لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ ; لِأَنَّ الشِّوَاءَ لَيْسَ مَصْدَرًا بَلِ اسْمٌ لِلَّحْمِ الْمَشْوِيِّ بِالنَّارِ (فِي الْمَسْجِدِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ أَكْلِ الطَّعَامِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى، وَمَحَلُّهُ إِنْ لَمْ يَحْصُلْ مَا يُقَذِّرُ الْمَسْجِدَ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ أَكْلِهِمْ عَلَى زَمَنِ الِاعْتِكَافِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْأَكْلَ فِي الْمَسْجِدِ خِلَافُ الْأَوْلَى مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَلَمْ نَزِدْ عَلَى أَنْ مَسَحْنَا أَيْدِينَا بِالْحَصْبَاءِ.
(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (وَكِيعٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (عَنْ أَبِي صَخْرَةَ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: ضِفْتُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ) قِيلَ: مَعْنَاهُ صِرْتُ ضَيْفًا لِرَجُلٍ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ شَارِحُ الْمَصَابِيحِ أَيْ كُنْتُ لَيْلَةً ضَيْفَهُ، وَزَيَّفَ هَذَا الْقَوْلَ بَعْضُهُمْ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: مَعَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ نَزَلْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجْلٍ ضَيْفَيْنِ لَهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ: ضَافَ الْقَوْمَ وَتَضَيَّفَهُمْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ ضَيْفًا، وَأَضَافُوهُ وَضَيَّفُوهُ أَنْزَلُوهُ، قَالَ مِيرَكُ: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ