وقال مكّي بن أبي طالب:- رحمه الله- روى عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: نسخها: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (?) الآية.
قال: وإلى هذا ذهب ابن حبيب، لأن الله عزّ وجلّ (?) قد أعلمه حاله، وأنه مغفور له ذنوبه في الآخرة.
قال مكّي: وهذا إنما يجوز على قول من قال: معناها: (ما يفعل بي ولا بكم) في الآخرة، قال: فأما من قال: (ما يفعل بي ولا بكم) في الدنيا من تقلّب الأحوال فيها، فالآية (?) عنده محكمة، وهو قول الحسن- رحمه الله- (?) وهو قول حسن لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما نفى عن نفسه علم الغيب فيما يحدث عليه وعليهم في الدنيا.
وقال: ألا ترى إلى قوله تعالى إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ (?) يريد في الدنيا.
قال: وأيضا فإن الآية خبر، ولا ينسخ الخبر، وأيضا فإنه صلّى الله عليه وسلّم قد علم أن من مات على الكفر فهو مخلد في النار، فكيف يقول (?): ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ في الآخرة؟ وقد أعلمه الله عزّ وجلّ بما يؤول إليه أمر الكفار في الآخرة، وهذا مثل قوله:
وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ (?) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ ... (?)
أي لو علمت الغيب لتحفظت من الضر، فلم يلحقني في الدنيا ضر.