الحمد لله العزيز الوهاب، أنزل على عبده الكتاب، هدى وذكرى لأولى الألباب، والصلاة والسلام على سيد الأحباب، نبينا محمد- صلّى الله عليه وسلّم- النبي الأمي المبعوث بالحق والصواب، الشافع المشفع يوم الحساب، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب.
أما بعد: فإن علوم القرآن الكريم أرفع العلوم قدرا، وأشرفها ذكرا، والاشتغال بها من أجلّ الأعمال وأفضل القربات، لأنها تتعلق بخدمة كتاب الله تعالى، وقد كان القرآن الكريم موضع عناية من النبي صلّى الله عليه وسلّم وصحابته الكرام، ومن تبعهم من العلماء الأجلاء الذين عكفوا عليه يدرسونه ويستخرجون كنوزه، فأولوه عناية فائقة، فاعتنوا بتفسيره وبيان أساليبه وبلاغته، إلى غير ذلك، وتناولوا كثيرا من نواحيه بالبحث والتوضيح، وتنافسوا في هذا الميدان الفسيح، وأفنوا أعمارهم في تصنيف الكتب التي تخدم هذا القرآن العظيم، وهم بهذا يكونون قد أدوا واجبهم نحوه، كل بحسب ما أوتى من العلم، فخلفوا لنا تراثا علميا تزخر به المكتبات في أنحاء المعمورة، وكلها تدل على العناية بهذا الدستور الإلهي الرباني الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ... (?).
ومعظم هذا التراث لا زال مخطوطا ينتظر من ينفض عنه الغبار، ويخرجه إخراجا سليما، بحيث يكون في متناول طلاب العلم والمعرفة، وبخاصة طلاب الدراسات العليا.
ومن أجلّ هذه المخطوطات ما يسمى في اصطلاح المتأخرين ب «علوم القرآن»، واني أحمد الله سبحانه وتعالى الذي وفقني لتحقيق كتاب من خيرة الكتب التي صنفت في علوم