وقد قيل: أن أول ما نزل في ذلك قوله عزّ وجلّ: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (?)؛، قيل: أعلم الله عزّ وجلّ نبيه ما هم قائلون.

فقال: إذا قالوا ذلك، فقل لهم: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. وقد تقدم أيضا قوله وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (?)، فهذا يدل على ما قلناه من أن قوله عزّ وجلّ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، (58/ ب) أمر بالدوام على ما كان أمره به من اتخاذ المقام مصلى (?)، ثم أن هذه الآيات كلها في قصة واحدة بخلاف الناسخ والمنسوخ، ولم يقل أحد من المفسّرين أن قوله عزّ وجلّ: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ نزل بعد قوله عزّ وجلّ قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ .. وإنما وهم الزمخشري، فظن الأخبار بما يكون بعد الشيء قبل وقوعه هو الواقع بعده، وهذا غلط بين (?)، وإنما مثال هذا أن يقول الملك لمن يريد أن يوليه ناحية: سيطعن (?) السفهاء في ولايتك، ثم يقول (له) (?) بعد ذلك: تولّ ناحية كذا، كذلك قال (?) الله عزّ وجلّ سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ .. الآية، أخبارا بما سيكون بعد التولية، ثم قال سبحانه بعد ذلك: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الآية.

وهذا واضح جدا، وقد خفى عليه هذا، فصار إلى ما صار إليه من تقدم الآية في التلاوة، وتأخرها في الإنزال، وليس بهين أن يجعل كلام الله عزّ وجلّ بهذه المثابة.

بل أقول: إن الآية غير منسوخة بالتي تقدمت (?)، بل معناها: أن المتوفى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015