التأكيد؛ إذ هما كلمتان لهما فائدتان، الأولى مجردة للشرط، والثانية

مجردة للتأكيد، فليس الحمل على ما ذكر، لو صح الحمل عليه، بأولى

من الحمل على ما ذكره الخليل، رحمه الله.

ثم قال: والرابع: أنّ الكوفيين حكوا "مهمن" في "مهما"، قال فكما

أن (من) في (مهمن) اسم، وليست بحرف زائد للتأكيد كذلك تكون

(ما) في (مهما) .

والجواب أن هذه الرواية، إن صحت، فهي دليل على

قول الخليل، رحمه الله؛ لأن (ما) للشرط زيدت عليها (من) الشرطية

للتأكيد.

ألا ترى أنك تقول: "مهما تصلً فاذكرني في صلاتك"

ولو قلت: "مهمن تصل فاذكرني في صلاتك"

على أن تجعل "مَنْ" للشرط و "مه" بمعنى "اكفف" لم يصح ذلك، فدل على أنها زائدة للتأكيد، وكذلك في شعر زهير، (ومهما تكن عند امرئ من خليقه) ، أو قلت: (مهمن يكن عند امرئ من خليقة) ، أي اكفف من يكن عند امرئ من خليقة لم يجز، وهذا أوضح، ثم قال أبو عمرو:

والخامس: إن القراء قد أمالت "ما" هذه كما روى قتيبة عن

الكسائى قال: ولا شك أنه سمع الإمالة فيها من القراء، والعرب.

فلذلك قرأ بها، واستعملها، فعلم بذلك أنها اسم لا حرف، إذ الإمالة

فيما كان من الأسماء والأفعال جائزة حسنة كما قدمناه، فلما كانت ها هنا

ليست بمشابهة لاسم، ولا فعل، وجازت الإمالة لألفها على قول من

تقوم به الحجة، دل ذلك على أنها اسم لا محالة، وسقط قول من

يخالفنا بدعوى مجردة لا دليل عليها، ولا شاهد من نص، أو قياس.

والجواب: أما قوله لا شك أنه يعني الكسائي سمع الإمالة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015