قال بعض المفسرين في قوله: (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ) : أنهم قالوا
لهم: اسكتوا.
أفلا ترى إلى قرب (اسكتوا) من (اكفف) التي هي بمعنى (مه) .
وقول أبي عمرو: إنه عدول عن النطق الذي أمرنا به.
وألزمنا إياه أضعف من قوله السابق؛ لأنه لم يؤمر بأن يقول (ماما) وإنما
قيل له: كان الأصل ذلك، ولا يقال لمن قال: كان أصل (استقام)
(استقوم) إن هذا عدول عن لفظ (استقام) ، فإن قيل: أراد أبو عمرو أن
تقديره الذي قدره أولى من تقدير غيره؛ لأنه تقدير مع بقاء اللفظ على ما
هو عليه، وتقدير غيره إخراج له عن ذلك، فلا يؤاخذ بتقصير العبارة.
قيل: لو صح له ما قدره كان ذلك، ولكن هذه اللفظة قد استعملتهما
العرب في مواضع لا يصح فيها (مه) أي: (اكفف) كما قال زهير:
فلا تكتمنَّ الله ما في صدوركم. . . ليخفى ومَهْمَا يكتم اللَّهُ يعلمِ
وكقوله:
ومهما تكنْ عند امرئ من خليقة. . . ولو خالها تخفى على الناس تُعْلمِ
ثم قال أبو عمرو:
والثالث: أنه إخلال بالمعنى.
قال: لأن حمل كل واحدة من الكلمتين على فائدة مجردة قائمة بنفسها كما بئناه أولى من حمل إحداهما على الزيادة للتأكيد.
والجواب عن هذا: أنا قد بينا أن حمل "مهما" على (مه) بمعنى (اكفف)
و (ما) على الشرط لا يصح كما ذكرناه في شعر زهير، ويقال له: وفي حملها على ما ذكرته إخلال بمعنى