لا يجوز نسخه، وليس قوله عزّ وجل: (وَالذِيْنَ آمَنُوا واتَبَعَتْهُمْ)
مما يعارض قوله عز وجل: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) .
ولو كان ذلك على ما توهموه لم تصحّ مضاعفة الحسنات، ولا أن تبدّل بها السيئات، ولم تصحّ الصدقة عن الميت، ولا الحجّ عنه، وقد صحّ في الخبر خلاف ذلك..
وأما إلحاق الأبناء بالآباء لصلاح الآباء فإنهم لم يعطوا سعي
آبائهم، ولكنهم لما كانوا مؤمنين ضاعف الله لهم الحسنات، وألحقهم
بآبائهم في الدرجات، وإنما يكون هذا نسخاً لو أعطاهم أعمال آبائهم.
وأما إكرامهم لأجل الآباء فلا يعارض قوله: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) ، وهذا كقوله عليه السلام: "من سَنَّ سُنَّةً حَسنةً فله أجرها
وأجرُ مَنْ عَمِلَ بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم
شيء".
فهذا لما سنَّ السنة الحسنة ضاعف الله له الأجر، وما أعطاه
سعيَ غيره.
وأما الصدقة عن الميت والحج فإن الذي تصدق وحج لما
نواه عن الميت، ولم ينوه عن نفسه كان كالنائب عنه، والوكيل فيه.
وإنما يكون معارضا للآية لو نواه عن نفسه، فأعطى ما عمل لنفسه
لغيره، فليس للإنسان إلّا ما سعى.
وأما من قال في قوله عزَّ وجلَّ: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) : هو محكم، فلا ينفع أحداً عمل أحد من صدقة، ولا صيام، ولا حجّ، فقد خالف الخبر، وإن كانت الآية محكمة كما ذكر إلَّا أن المعنى ما سبق وتقرر.