ومنهم من قال: ليس ذلك مذهبه، لأنه لم يخرج الحالف بمثل
يمين أيوب عليه السلام، بمثل ما برَّ به في يمينه.
قال: والذي عليه أكثر أصحابه أن ما قصَّ الله علينا من شرائع مَنْ كان قبلنا، ولم ينسخه قرآن، ولا سنة، ولا افترض علينا ضده، فالعمل به واجب نحو قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا) .
قال: وقد اعترض على هذا القول بقصة أيوب عليه السلام في
بره بضوبة فيها مائة قضيب، ولا يقول به مالك، واعترض بقصة موسى
عليه السلام في تزويج إحدى الابنتين من غير تعيين.
فأقول: إن مالكاً، رحمه الله، إذا قال بنسخ هذه الآية فهو يقول:
بأن شريعة مَنْ قبلنا لازمة لنا،ووإلا فلا حاجة أن يجعل الآية منسوخة.
وأما الشافعي، رحمه الله، فما حجته فيما صار إليه في أن من
حلف ليضربن عشر ضربات، فضرب بعشرة قضبان أنه يخرج من يمينه.
إلا أنه رأى أن عشرة قضبان يصيب كل واحد منها المضروب هي كعشر
ضربات، لا فرق بين ذلك، كما لو كان في يديه قضيبان يضرب بهما
مرة واحدة بكلتا يديه أن ذلك مساو لضربة بيده الواحدة مرتين، وكما
لو ضربه عشرة في مرة واحدة كان ذلك بمنزلة عشر ضربات من واحد.
لا فرق بين ذلك، وليست الآية بحجة لما ذهب إليه؛ لأن الآية لم