وقال العلماء: أول ما نسخ الصلاة إلى بيت المقدس.
وهذا يدل على أن المكيّ ليس فيه منسوخ؛ لأن البقرة مدنية، والنسخ إنما يكون في الأحكام، ولا نسخ في الأخبار؛ لأن خبر الله عزّ وجل حق لا يصح أن يكون على خلاف ما هوعليه.
وليس في الفاتحة ناسخ ولامنسوخ.
* * *
وقد عدّ قوم من المنسوخ آيات كثيرة ليس فيها أمر، ولا نهي، وإنما
هي أخبار، وذلك غلط نحو قوله عز وجلّ: (وَمِماْ رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
زعموا أنها منسوخة بإيجاب الزكاة، وعدوا أيضاً من الأوامر
والنواهي جملة، فقالوا: هي منسوخة نحو قوله عز وجل: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) .
وقوله عز وجل: (وَلَا تَعْتَدُوْا إِن اللهَ لَا يُحِبَ الْمُعْتَدِين)
وذلك لا يصح، ومتى كان للخطاب طريق في
الحكم بأنه محكم كان أولى من حمله على أنه منسوخ نحو قوله عزّ وجل:
(فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) .
فحملُ هذا على أنه محكم أَوْلى.
وأما قول عطاء في قوله عز وجل: (وَلاَ تَقُوْلُوْا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا)
إنّه ناسخ لما كانوا عليه من قولهم في الجاهلية، والإسلام؟
"راعنا سمعك" أي فَرّغْه لنا، لما وجد اليهود بهذه الكلمة سبيلاً إلى