وقال قائلون: لا يصحّ هذا إلا أن تكون آية البقرة في المشركات
من أهل الكتاب.
وأقول: إن هذا الذي قالوه غير مستقيم، فإن قولنا: نسخ.
وتخصيص، واستثناء اصطلاح وقع بعد ابن عباس، وكان ابن عباس يسمي
ذلك نسخاً، ولو وقع الاصطلاح على تسمية جميع ذلك نسخاً ويكون
النسخ على ثلاثة أضرب، لم يمتنع لاجتماع المعاني الثلاثة في الإزالة
للحكم المتقدم.
والناسخ يكون مدنياً لا غير، فإما أن ينسخ مكياً أو ينسخ مدنياً نزل
قبله، وقد تقدم ذكر المدنى والمكي ونزيد هنا فنقول:
كل سورة فيها (كلَّا) فهي مكية، وكل سورة افتتحت بالحروف
فهي مكية إلا البقرة وآل عمران، واختلف في الرعد، وكل سورة فيها قصة
آدم، عليه السلام، وإبليس، لعنه الله، فهي مكية إلا البقرة.
وما فيه ذكر المنافقين فهو مدنى.
وقيل: ما كان من السور فيه القصص، والأنباء عن
القرون، فهو مكى وما فيه فريضة أو حد فهو مدني، وقيل: ما فيه
(يا أيها الذين آمنوا) فهو مدني، وما فيه (يا أيها الناس) ولم يكن فيه
(يا أيها الذين آمنوا) فهو مكي.
وأما نسخُ المكيِّ المكيَّ فلم يُتَفَقْ عليه.