السب؛ لأنها في كلامهم سب، فليس ذلك بصحيح، ولو كان ذلك
ناسخاً لكان جميع ما أمرهم به من مكارم الأخلاق، ومما يستحسن في
القول، والفعل ناسخاً لما كانوا عليه.
ولهذه الآية نظائر كثيرة، فَكُل ما قيل في ذلك: بأنه ناسخ لعادة
جرت، أو شريعة تقدمت فهذه سبيله. فاعلم ذلك.
قوله عز وجل: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَاْمِ. . .) الآية
قالوا: هي ناسخة للصلاة إلى بيت المقدس، قالوا:
والصلاة إلى بيت المقدس أول ما نسخ، وهذا ليس بناسخ لقرآن؛ لأن
صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن بقرآن أنزل عليه.
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: أول ما نسخ من القرآن شأن
القبلة، قال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس، ثم صرف إلى البيت العتيق، فعلى هذا تكون الآية ناسخة لقوله سبحانه: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) لأنه سبحانه أباح له - صلى الله عليه وسلم - استقبال ما شاء من الجهات، ثم نسخه بما
ذ كرنا.
وقال عبد الله بن عمر، رضي الله عنه: نزلت في صلاة التطوع
يصلي حيثما توجهت به الراحلة، وقيل: نزلت في قوم عميت عليهم
القبلة، فصلوا باجتهادهم إلى جهات مختلفة، فأُعلموا أن صلاتهم جائزة.
وروى عامر بن ربيعة عن أبيه كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فتغمَّيت